يعيش اللبنانيون حالة من القلق والخوف، ويتوقعون أزمة سياسية طويلة الأمد، عشية إنطلاق الإستشارات النيابية لتسمية رئيس حكومة جديد، بالتزامن مع المعلومات حول إصدار المحكمة الدولية الخاصة بلبنان القرار الإتهامي في قضية إغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري غداً الإثنين أيضاً، والذي تكثر التوقعات حول إتهام عناصر من حزب الله في هذه الجريمة.

بيروت: بعد أيام على إسقاط الحكومة اللبنانية، تبدو سماء بيروت مغطاة بضباب سياسي لا ينقشع، بدأ يخيم فوق منازل وأحياء العاصمة، كما كل لبنان، مع إعلان وزراء قوى الثامن من آذار ووزير من المحسوبين على رئيس الجمهورية، الإستقالة من الحكومة وإسقاطها، وهو ما فتح سماء بيروت على كل أنواع العواصف السياسية غير السارة.

وعشية إنطلاق الإستشارات النيابية لتسمية رئيس حكومة جديد التي حددتها رئاسة الجمهورية اللبنانية غداً، ومع المشاورات الجارية على أكثر من صعيد في هذا المجال، بالتزامن مع المعلومات حول قرب إصدار المحكمة الدولية الخاصة بلبنان القرار الإتهامي في قضية إغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري والذي تكثر التوقعات حول إتهام عناصر من حزب الله في هذه الجريمة.
اللبنانيون في مختلف المناطق اهتموا بمتابعة التطورات السياسية من استقالة الحكومة، والإتصالات والمشاورات الجارية مروراً بالتكليف والتأليف، وصولاً إلى ما قد يطرأ فجأة من أحداث، بين لحظة وأخرى وفي طليعتها صدور القرار الإتهامي في جريمة إغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، وما سيليه من أحداث لا أحد يستطيع توقع مسارها.

مع الحكومة أو دونها الحال نفسه

في سيارة الأجرة المتوجهة من الضاحية الجنوبية للعاصمة نحو منطقة الكولا، يعلق أحد الركاب مساوياً بين اسقاط الحكومة وبقائها، فهي لم تفعل شيئا منذ تشكيلها لتخفيف وطأة الأوضاع المعيشية على الناس، فغلاء المواد الغذائية والمحروقات، وإنقطاع الكهرباء، وأزمة السير، كلها كانت في تفاقم مستمر. ويضيف آخر :quot;هناك وزراء لا أحد يعرف أسماءهم، ولم نر صور وجوههمquot;، وتتداعى تعليقات الركاب التي أجمعت على انتقاد الحكومة quot;المسقطةquot; وتأكيد ضرورة عدم عودة سعد الحريري رئيساً للحكومة الجديدة، لأنه quot;وقف مع الأميركيين ضد المقاومةquot; ولن يقبل حزب الله إلا برئيس حكومة quot;وطنيquot; ويجري استعراض أسماء من عمر كرامي ونجيب ميقاتي وليلى الصلح، فيسأل أحدهم :quot;شو خلق الحريري وانقطع الحبلquot;.

ترفض زينب النتيجة التي توصل إليها باقي الركاب:quot;لا أحد أفضل من الآخر، أصبح على كل مواطن أن يتحول إلى دولة صغيرة، من أجل تأمين لقمة العيش والكهرباء والمياه، وحتى توفير الأموال المطلوبة منذ الآن لضمان شيخوختهquot;.

أزمة سياسية طويلة

يشير المسؤول الأمني لموقف السيارات المجاور لوزارة التربية في محلة quot;الأونيسكوquot;، بأن أرواح الناس في quot;رقبتهquot; ومنذ إسقاط الحكومة، يتولى أكثر من جهاز أمني حماية الوزارة، وهو ما كان ظاهراً للعيان من خلال التدقيق وتفتيش الوافدين الى الوزارة. ويقول حكمت الموظف في مديرية التعليم الإبتدائي، عند دخوله الى الوزارة quot;يبدو أن الأزمة السياسية التي يعيشها لبنان ستطول، لأن التحدي كبير بين الطرفين المتصارعين، والله وحده يعلم كيف ستنتهي الأزمة، ونحن كمواطنين عاديين لا نريد سوى الإستقرار، والعيش بأمان وهدوء.

غسان القادم من الأشرفية لتصديق شهادة الثانوية العامة لإبنه الذي قرر إرساله الى فرنسا لمتابعة دراسته، يتساءل كيف أصبح لبنان محط إهتمام الدول الكبرى في الشرق والغرب، بدءاً من طهران وحتى واشنطن، وقد تحول البلد وأهله الى كرة يتقاذفها الآخرونquot;.

تبدو التطورات السياسية quot;وجبة غير شهيةquot; أضيفت الى طبق فطور الصباح، على طاولة في أحد مطاعم الحمرا. وإتفق رأي مجموعة من اللبنانيين على أن الإحتمال الأكبر هو عودة سعد الحريري رئيساً للحكومة الجديدة بعد أزمة سياسية طويلة، تنتهي بتسوية بعد صدور القرار الإتهامي عن المحكمة الدولية.

أجواء خوف وقلق

في وطى المصيطبة، تخيم أجواء الخوف والقلق على أبناء المنطقة، فيؤكد جورج مدير المبيعات في شركة إستيراد وتصدير، أنه منذ اللحظة التي أعلن فيها استقالة الوزراء quot;لم يزر الشركة زبون واحدquot;، ويحمل الطرفين المتصارعين مسؤولية التدهور الذي وصلت إليه الأوضاع الإجتماعية والإقتصادية في البلاد، لأن قوى الثامن من آذار تغامر بتحميل البلد أكثر من طاقته في مواجهة إسرائيل، وقوى الرابع عشر من آذار التي تراهن على الأميركيين، ويعتقد بأنه لا بد من تسوية بين الطرفين حول المحكمة الدولية، والمواجهة مع إسرائيل، وبناء دولة القانون والمؤسسات في نفس الوقت. لكن جورج يبدي في الوقت نفسه تشاؤمه، لأن الطرفين يتلقيان الأوامر من الخارج، وقد فقدا قرارهما وإرادتها.

تأخذ صورة الحياة في منطقة الطريق الجديدة وجوها عدة، ويبدو لافتاً جمود الحركة التجارية، بإستثناء محلات بيع المواد الغذائية وعربات الخضار التي كانت تشهد إقبالاً من المواطنين، وقد يكون السبب بعض القلق الذي يسود المنطقة، حول التطورات السياسية خلال الأيام المقبلة، وهو ما عبرت عنه نادين الموظفة في شركة تأمين، وهي تتوجه مسرعة إلى المدرسة لإصطحاب أطفالها إلى المنزل، وتعيد السبب في قلق أبناء المنطقة إلى إمكانية إستغلال بعض quot;الزعرانquot; للأجواء المتوترة بهدف تفجير الأوضاع في الشارع، وخصوصاً بعض ركاب الدراجات النارية الذين يظهرون فجأة في الأزقة والشوارع خلال الأزمات، ويبدأون بالإستفزازات. لكن ذلك لا يلغي تحميل الغالبية الساحقة من أبناء الطريق الجديدة لقوى الثامن من آذار مسؤولية ما يحصل، لأنهم برأيهم quot;يرفضون العدالةquot; ويستخدمون كل الذرائع لإلغاء quot;المحكمة الدوليةquot;. ويعتبر خالد أن quot;إسقاط الحكومة هو بداية للسيناريو الذي يهدف الى إسقاط المحكمة، ولكنهم لن يستطيعوا ذلكquot;، مؤكداً أن quot;سعد الحريري عائد رئيسا للحكومة الجديدةquot;.