إياد الدليمي
لا شك عندي أن هذه الأنظمة الثلاثة باتت في حكم الماضي، ولكن يبقى الترتيب بين من يسقط أولاً هو الأمر الذي ما زال في علم الغيب، الغيب الذي ربما يفاجئنا ويفاجئ الشعوب العربية بجعل سقوطهم الثلاثي في يوم واحد، على طريقة العرب عندما يزوجون اثنين من الأبناء في يوم، لتكون الفرحة فرحتين، ونحن نقول إن شاء الله يكون الفرح ثلاثة أفراح، تمتد من طرابلس مرورا بدمشق وصولا إلى صنعاء.
علمتنا الشعوب العربية الثائرة في تونس ومن بعدها مصر، أن خروجها وتلاحمها بوجه الحاكم كفيل بإسقاطه، خاصة إذا أيقنت هذه الشعوب أن الحاكم لن يستمر طويلا في الصمود بوجهها، وأنها قادرة على هزيمته وهزيمة نظامه الأمني القمعي الذي تبين أنه نظام من ورق.
فهؤلاء الحكام لا يرون في بلدانهم وشعوبهم سوى سبيل للثروة والجاه والسلطة، وتنفيس كل عقدهم التاريخية منذ الطفولة حتى ساعة ركوبهم على ظهر الشعب.
في سوريا اشتعلت المدن كلها رفضاً للنظام، رغم كل أساليب القمع التي مارسها هذا النظام، حتى أن المفكر السوري برهان غليون، وصف مجرد خروج السوريين إلى الشارع للتظاهر بالمعجزة، وهو محق في ذلك، فمن يعرف هذا النظام ويعرف أساليبه القمعية يدرك أن هذا الخروج الشعبي في كل المدن السورية كان بمثابة انتحار جماعي، فالذاكرة الجمعية للسوريين ما زالت تحتفظ بمشاهد القتل والترويع والاغتصاب التي مارستها أجهزة النظام في حماة عام 1982.
ولعل من المفيد التأكيد هنا على أن السوريين اليوم باتوا أكثر حرصا على ثورتهم وأكثر قرباً من الوصول إلى شاطئ الحرية، فمن كان مترددا في البداية تشجع ونزل إلى الشارع بعد أن أيقن أن النظام سيكون في عداد الأنظمة الساقطة، كما أن الإصرار الشعبي في سوريا على عدم الوقوع في فخاخ الطائفية كان بحق مثيرا جدا ويستحق الإشادة، فرغم كل حملات الإعلام الرسمي والتابع له في سوريا من أجل نبش الأحقاد، فإن السوريين يصرون في كل جمعة وتظاهرة على أنهم شعب واحد ولا مكان بينهم للطائفية التي اعتاش منها النظام أعواماً عدة.
تبقى أهمية الاستمرار بالتظاهر والحفاظ على سلمية هذه التظاهرات، هما السبيل والحل من أجل التعجيل بالإطاحة بهذا النظام الذي صار يتعرض في كل يوم إلى المزيد من الضغوط الداخلية والخارجية.
أما اليمن، فلعل الخطوة التي اتخذتها قطر بالانسحاب من مبادرة مجلس التعاون الخليجي كانت بمثابة رصاصة الرحمة على علي عبدالله صالح ونظامه، فبعد كثير لفّ ودوران من صالح، شعرت قطر أن الرئيس اليمني يسعى لكسب الوقت من أجل البقاء، حيث تخلف أكثر من مرة عن التوقيع على هذه المبادرة رغم أنها تحفظ له ما بقي من ماء وجهه.
على اليمنيين أن يتحركوا بشكل أسرع، فهذه المظاهرات المليونية التي نجح الشباب الثائر في حشدها لا بد أن تجد ضوءاً في نهاية النفق وإلا فإن المماطلة من قبل صالح وبقاء الشباب الثائر دون الإقدام على خطوة كبيرة كالتظاهر والزحف إلى القصر الجمهوري، كفيلتان بزعزعة موقف الشباب وربما تساعد صالح كثيرا في إجهاض ثورتهم.
أما الليبيون فإن الموقف ما زال غير مقنع، وعلى المجلس الانتقالي أن يبدأ وفوراً التحرك على المؤسسات الدولية من أجل الدفع باتجاه حسم الصراع مع القذافي، خاصة أن الأنباء تؤكد أن عائلة القذافي باتت ممزقة ولجأ بعض أفرادها إلى إحدى الدول بينما لجأ آخرون إلى دولة ثانية وهكذا، مما سيشكل عاملا مهما في التخلص من القذافي وزيادة الضغط عليه، ناهيك عن السعي من أجل إيجاد موطئ قدم في طرابلس ومحاولة التحرك منها على الشعب أولا، وليكن هذا التحرك سلميا قادرا على تحشيد أبناء طرابلس ضد القذافي.
لقد انتهى الأسد منذ أن أطلق النار على شعبه، وانتهى صالح اليمن بعد أن حاول خداع ليس الشعب اليمني وحسب وإنما منظومة الخليج العربي، مما أدى إلى فقدانه أي مصداقية.
أما الزعيم الليبي القذافي فعلى ما يبدو أن دائرة الخناق بدأت تضيق عليه خاصة بعد أن بدأ يفقد الكثير من المقربين له وآخرهم شكري غانم وزير النفط ناهيك عن مغادرة زوجته وابنته إلى تونس.
انتهت اللعبة، وكما يعبر شباب الثورات العربية laquo;كيم أوفرraquo; ولم يبق سوى تحديد من سيكون الأول ومن والثاني ومن الثالث.
التعليقات