عبد العزيز المقالح
منذ ألقى المجرم الإرهابي نتنياهو خطابه الأخير في الكونغرس الأمريكي، وأنا لا أكف عن البحث عن كلمات قادرة على أن تعكس بوضوح ما اعتراني من حالات يأس وإحباط جراء مواقف ممثلي الولايات المتحدة في ذلك المبنى العتيد الذي يضم البرلمان ومجلس الشيوخ بأعضائهما الذين أعادوا إلى الأذهان في جلسة الخطاب المذكور الصور البائسة والمقيتة لأعضاء برلمانات بعض الشعوب البدائية المتخلفة التي كانت تستقبل حكامها الطغاة بأقل مما استقبل به أعضاء الكونغرس المجرم الإرهابي نتنياهو، إذ فاقوا في استكانتهم وخنوعهم كل الأشكال المعروفة عن برلمانات الموافقة والتصفيق والوقوف المتكرر والانحناء المهين وإظهار علامات الاستحسان والإعجاب بكلام طافح بالأحقاد وصادر عن شخص كان ينبغي أن لا يسمح له بدخول برلمان شعاره الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان .
وأضيف بأنه لو روى لي أحدهم ما حدث في ساحة الكونغرس الأمريكي أثناء خطاب نتنياهو ولم أشهد ذلك بعينيّ ولم أسمعه بأذنيّ لكذّبت كل ما يقال، ولظننته افتراءً مبالغاً فيه هدفه تشويه سمعة البلد الذي يستقبل الداخل إليه تمثال الحرية بكل ما ينطوي عليه من معانٍ كانت كبيرة وعظيمة من أجل الإنسان في كل مكان على هذه الأرض . فأين الحرية التي يعلنها التمثال الصامت؟ وأين الاعتزاز بما كفلته الديمقراطية للأمريكي من حق في أن لا يحني رأسه أو يتحول إلى آلة يحركها اللوبي الصهيوني ويحدد لأعضاء المجلس التشريعي في البلاد عدد مرات التصفيق والانحناء الرخيص . والأعجب أن الإرهابي عندما كان مسترسلاً في خطابه كان أعضاء المجلسين ينصتون وكأن على رؤوسهم الطير وأعينهم محدقة نحو المنصة كما لم يحدث مع أي رئيس أمريكي منذ تأسيس الكونغرس، فضلاً عن رئيس أو ضيف كبير من أي دولة أخرى .
وهنا أتوقف لكي أعيد إلى الأذهان ذلك السؤال الذي تردد كثيراً وهو: من يحكم من؟ الولايات المتحدة هل هي التي تحكم الكيان الصهيوني أم الكيان الصهيوني هو الذي يحكم الولايات المتحدة؟ وفي اعتقادي أن نظرة واحدة إلى ذلك المشهد الحقير في الكونغرس يحدد بوضوح الحاكم الحقيقي، فقد ظهر المشترعون في هذا المجلس كأنهم أعضاء معينون من قبل نتنياهو، إذ كانوا يتسابقون في التصفيق وإظهار الولاء لهذا (الحاكم) كما لم يفعل مجلس من المجالس المعينة في الشرق الأوسط أو في أي بلد من البلدان التي لا تدعي الحرية ولا تؤمن بحقوق الإنسان . ولا أبالغ إذا ما قلت: إن هذا الموقف الغريب بدا مقززاً ومثيراً، وأثبت أن الكونغرس صار أكثر مجالس العالم خضوعاً واستخذاء .
وإذا كانت بعض شعوب الشرق قد عرفت كثيراً من الطغاة الذين أسكرهم التصفيق، فإن أحداً منهم لم ينل من هذا ldquo;المسكرrdquo; ما ناله نتنياهو على أيدي أعضاء مجلسي البرلمان والشيوخ (الكونغرس) الذي حقق تصفيقهم الرقم القياسي (59) مرة، وهو ما سوف يعكس نفسه على برلمانات كثيرة في العالم لاسيما في الوطن العربي حيث كانت بعض برلماناته لا تجيد شيئاً سوى التصفيق .
التعليقات