الوطن السعودية:

مثل وثيقة الدوحة للسلام والمزمع توقيعها بين الحكومة السودانية وفصائل التمرد في دارفور، لإقرار السلام بغرب السودان؛ خطوة مهمة لإنهاء صفحة دموية في الإقليم ونقله إلى مرحلة السلام والتوافق.
وتوفر الوثيقة التي تشتمل على سبعة فصول، المشاركة في السلطة والثورة والمصالحة والعدالة، وحقوق الإنسان والحريات الأساسية والترتيبات الأمنية والتعويضات، وعودة النازحين واللاجئين ثم الحوار الداخلي، فرصة أخيرة بالفعل لإنجاز تسوية دائمة وشجاعة في دارفور.
ويأتي انعقاد مجلس جامعة الدول العربية أمس على مستوى المندوبين الدائمين لمناقشة وثيقة الدوحة، تتويجا لما تم التوصل إليه في العاصمة القطرية برعاية حكومة قطر واللجنة العربية الأفريقية، بعد مفاوضات استغرقت أكثر من عامين بين طرفي الأزمة.
لقد ظل ملف أزمة دارفور يراوح مكانه طيلة السنوات الماضية رغم تعدد المبادرات الرامية لإيجاد حل عادل وشامل يرضي أطراف النزاع. وكانت النتيجة زيادة معاناة المشردين والنازحين الذين يتكدسون في معسكرات الإيواء.
إن من المهم توفير الدعم العربي لهذه الوثيقة قبيل عرضها على الأمم المتحدة، من أجل الحصول على موافقة كل الأطراف المعنية عليها، ووضعها موضع التنفيذ ليتفرغ الجميع للتنمية واستعادة الأمن والاستقرار. كذلك ينبغي على المجتمع الدولي الوفاء بتعهداته تجاه دعم برامج العودة الطوعية للنازحين إلى قراهم، وتعزيز قدرات تمويل قوة حفظ السلام المشتركة في الإقليم وتقديم المعدات الضرورية لها.
المطلوب من الحكومة، وحاملي السلاح وكافة شركاء السلام المعنيين بملف الأزمة، الضغط باتجاه إقرار هذه الوثيقة على وجه السرعة لأنها تمثل طوق النجاة الأخير للمتحاربين، وكذلك الالتزام بتطبيقها حرفيا تحت إشراف ورقابة أممية.
وفي حال استمرار أطراف الصراع ولاسيما بعض الفصائل المتمردة التي تمارس نوعا من المماحكة في إقرار الوثيقة، ستتبدد من بين أيدي الجميع فرصة ذهبية، وستكون الأوضاع مرشحة للعودة إلى مربع الحرب، وطوفان العنف الذي لا يبقي ولا يذر من جديد.