الرباعية اليوم في مجابهة المصالحة - إياكم والمصيدة



كلوفيس مقصود

تلتئم اليوم في واشنطن ldquo;اللجنة الرباعية الدوليةrdquo; المكلفة ملف ldquo;النزاع الفلسطيني ldquo;الإسرائيليrdquo;rdquo; . يعقد هذا الاجتماع بالتزامن مع ما تقوم به ldquo;إسرائيلrdquo; بهدف إفشال أية مبادرة تقوم بها السلطة الفلسطينية لانتزاع اعتراف أكثرية راجحة في الجمعية العامة للأمم المتحدة بالدولة الفلسطينية على الأراضي المحتلة بعد 5 يونيو/ حزيران . وبرغم أنه سبق واعترفت الجمعية العامة في دورتها التي انعقدت في جنيف في أواخر نوفمبر/ تشرين الثاني 1989 بدولة فلسطين، فانتقل ممثلها من كونه ldquo;مراقباًrdquo; إلى صفوف الأعضاء، إلا أن هذا الواقع أرادته منظمة التحرير أن يكون الاعتراف بالدولة كاملاً من خلال الاعتراف الشامل من قبل الدول الأعضاء وبأكثرية ساحقة إنْ أمكن حتى يشكل إقراراً واضحاً واعترافاً ينطوي على كون الدولة المعترف بسيادتها الكاملة هي التي حددتها قمم الدول العربية منذ عام ،2002 وهذا الاحتضان الدولي يرسخ شرعية الدولة وعاصمتها القدس، بمعنى كون ldquo;إسرائيلrdquo; لا تعترف بأنها سلطة محتلة منذ احتلالها في يونيو/ حزيران ،1967 لذلك يصبح الاعتراف بفلسطين الدولة هذه بمنزلة خلع الشرعية عن وجود ldquo;إسرائيلrdquo; في الضفة وقطاع غزة والقدس الشرقية .

السؤال: لماذا هذا الاجتماع للجنة الرباعية بهذا الوقت بالذات أي قبل أيام من التاريخ المفترض لتقديم مشروع القرار؟ يعود السبب إلى أن اعترافاً شبه جماعي في دورة اجتماع الأمم المتحدة المقبلة، يعني هزيمة سياسية ل ldquo;إسرائيلrdquo;، لذلك فإن نتنياهو في رحلته إلى دول أوروبا الشرقية يحاول إقناعها بالتصويت ضد أو الامتناع، وكما فعل في بلغاريا مثلاً، حيث شكر الشعب البلغاري على حمايته لليهود من الاضطهاد والاحتلال النازي، طالباً الاقتراع ضد مشروع القرار إذا ما تم تقديمه أو على الأقل الامتناع عن التصويت .

الدافع الرئيس ولعله الوحيد لاجتماع الرباعية هو استئناف ldquo;المفاوضاتrdquo;، وكأن ما يقوم به الرئيس محمود عباس ومعاونوه هو ldquo;تفاوضrdquo;، وهو ليس كذلك مطلقاً . لماذا؟ إن التفاوض يستند إلى اتفاق مسبق على جدول الأعمال وليس عملية إبحار لاكتشاف حق أو حقوق لدولة سيدة . ثانياً، ldquo;المفاوضاتrdquo; التي استولدت ldquo;عملية السلامrdquo; أو مسيرة السلام وخريطة الطريق، لم تكن مطلقاً كذلك، لأن السند القانوني الذي يعرف ldquo;إسرائيلrdquo; بالاحتلال للأراضي الفلسطينية المحتلة، غير وارد مطلقاً في القاموس ldquo;الإسرائيليrdquo;، وحتى بتعاملها في هذا الشأن مع المجتمع الدولي، فهي منذ قيامها لم تعرّف حدودها، وبالتالي تتحايل على إبقاء ما تريده غامضاً، وملتبساً، وعند الاضطرار واضحاً . هي ترفض كونها محتلة . إذاً، ما وضعها في أرجاء فلسطين المحتلة بعد عام 1967؟ الدليل القاطع أنها لا تعترف باتفاقيات جنيف الرابعة التي من خلال بنودها تتحدد صلاحياتها وواجباتها في عدم تغيير الواقع السكاني أو الجغرافي للأرض التي تحتلها . كما أن الاحتلال مؤقت مهما طال . هذه القيود جميعها على سلطة الاحتلال تم خرقها من جانب ldquo;إسرائيلrdquo;، لكونها تتصرف دائماً كأنها وهي كذلك دولة مغتصبة، لأنها تدعي ملكية الأرض، استناداً إلى أساطير دينية .

هذا بدوره يفسّر التمدّد الاستيطاني المتواصل والممعن بتكثيفه، كما يفسر تدمير الوجود العربي في القدس، لأنها ldquo;عاصمة أزلية وأبدية ل ldquo;إسرائيلrdquo;rdquo;، ثم إن ما سمّاه شارون بأن ldquo;إسرائيل انسحبت من غزةrdquo;، باعتبارها منطقة صعبة، إنما كان في الحقيقة إعادة تموضع، فهي عندما خرجت من غزة اعتبرتها ldquo;كياناً عدائياًrdquo;، بمعنى أن باستطاعتهاأن تدرجها ككيان عدائي، تتصرف فيه كما تشاء، وكما حصل في عدوانها أواخر عام 2008 . لعله حان الوقت كي نخرج أنفسنا من الالتباس، حيث تسعى ldquo;إسرائيلrdquo; إلى البقاء في منأى عن المساءلة .

لذا تجتمع الرباعية الدولية اليوم بهدف تعطيل المبادرة الفلسطينية في التوجه إلى الأمم المتحدة، والعودة إلى طاولة ldquo;المفاوضاتrdquo; مع وعود باهتة وغامضة بأن هناك تحديداً محاولة لتجميد غير محدد للاستيطان . الجواب سهل، هو أن المستوطنات بمختلف أشكالها وأحجامها، دليل على ما تدعيه ldquo;إسرائيلrdquo; عن حقها في إقامة المستوطنات، وأنه إذا كان للرباعية ما أرادت فيكون الفلسطيني قد رضخ ldquo;للتجميدrdquo; وسقط في مصيدة عبثية ldquo;المفاوضاتrdquo; التي أجريت منذ اتفاقيات أوسلو .

إذا رضخ المسؤول الفلسطيني ووافق على العودة إلى طاولة ldquo;المفاوضاتrdquo; فعلى الأقل، وفي الحد الأدنى، عليه المطالبة بتفكيك المستوطنات .

كما أن السلطة الفلسطينية في أخذها مشروع الاعتراف بالدولة، عليها أن تنجز المصالحة مع حماس وغيرها، وبالتالي تتحقق الوحدة الوطنية للشعب الفلسطيني، ما يجعل المبادرة أنجع وأنجح، أما إذا بقي الحال كما هو عليه يصبح هذا الشطط مدخلاً لفقدان المناعة ويؤدي إلى المزيد من الإحباط، وبالتالي تتحقق ل ldquo;إسرائيلrdquo; القدرة على التفلّت من العقاب .

اجتماع اليوم للجنة الرباعية مصيدة، وعلى الفلسطينيين تجنب الوقوع فيها .