ماضي الخميس

تعيش لندن حالياً حالة من الشغب ليست جديدة فهي تتفجر بين حين وآخر وأغلب أسبابها اقتصادية ومعيشية .. وكبرت كتلة الثلج اللندنية حتى تغلغلت في المدينة وضواحيها .. وكان واضحا أن الحكومة الإنجليزية لم تستفد من الدروس العربية وتطوق تلك المظاهرات التي بدأت محدودة وصغيرة وتعالج مطالب المعتصمين قبل أن تتحول إلى أزمة سياسية ساخنة قد تطيح بالحكومة جميعها.

المؤسف أن تتجه المظاهرات اللندنية الى اتجاهات سلبية بممارسات لأعمال الشغب التي تعكس الصورة السلبية البائسة لأولئك المعتصمين الذين لم يجدوا سوى الشغب وسيلة للتعبير عن سخطهم .. وقد أعطى المعتصمون الانجليز نموذجا سيئا مقارنة بالثورات العربية التي إلى حد كبير كانت سلمية ونظيفة قبل أن تدنسها يد البطش اللامسؤولة.

في الحالة الانجليزية كان هناك شغب بلا ثورة .. وفي الحالة العربية كانت هناك ثورة بلا شغب .. ويظهر أن العالم جميعه وليس العربي فقط ستستمر حالة الغليان تستعر فيه والتظاهرات تشتعل حتى تحقق الشعوب ما تريده من أحلام وأماني واطمئنان.

إن أهم محركات الثورات والمظاهرات وحالات الشغب هي الحالة الاقتصادية .. وما تعانيه بعض الدول من سوء في توزيع الثروات وحالات الفساد البين واستئثار القلة القليلة بخيرات البلد .. هو ما يجب أن تنتبه له الحكومات جميعا .. فالشعوب الجائعة البائسة لا يوجد لديها ما تخسره .. وتبقى آمالها دائما معلقة في حالة الانقاذ التي من الممكن أن يحققها البديل أياً كان .. هذا الشعور ليس عربيا فقط .. ولكن حتى الشعوب الغربية والمتطورة لديها جانب مظلم لم تستطع أن تتجاوزه .. وهو ما يحدث في لندن اليوم hellip; وما قد تمتد آثاره وتطول نتائجه مدنا أخرى.

الحالة لن تنتهي .. لا لدينا ولا لديهم .. ستمتد وتتغير أشكالها .. لكن الذي يجمعها جميعا أن الشعوب لديها مطالب تسعى لتحقيقها مهما كان الثمن .. وقديما قالوا .. معظم النار من مستصغر الشرر .. انتبهوا .. ودمتم سالمين.