الوطن السعودية

أثبتت تطورات الأحداث في ليبيا، أن مواجهة الاحتجاجات بالحلول العسكرية غير مجدية، وأن الأنظمة لا يمكن أن تحافظ على كياناتها، في حال وجود تمرد شعبي شامل، إلا حين تختار الاستجابة للمطالب، والخضوع للإرادة الشعبية الجمعية.
هذه التطورات تقدم درساً عملياً للنظام السوري، وما عليه سوى إدراك هذه الحقيقة، ثم العمل بما تقتضيه، وخلق أجواء حقيقية لإصلاحٍ سريع، يتجاوز الوعود والشعارات، إلى ظهور أثره المباشر على الحياة، في جانبيها السياسي والاقتصادي.
في ليبيا، كان للموقف الدولي الحازم، دورٌ كبير في تحقيق أهداف الثوار، مما يجعل من هذا النجاح، محفزا على القيام بدور مشابه في سورية، بالنظر إلى تشابه تعامل السلطتين مع الاحتجاجات الشعبيّة، إلا أن الكثيرين من المعارضين السوريين لا يؤيدون وجود تدخل عسكريٍّ مباشر، إذ ما تزال المواجهة في سورية دون صفة الحرب الأهلية، بينما كادت تكون كذلك في ليبيا، مما ينفي أسباب التدخل العسكري، الذي يبدو أن المجتمع الدولي لا يميل إليه، فلم لم يقترح أحد أن تتدخل قوات حلف شمال الأطلسي في سورية، كما فعلت في ليبيا، ما يجعل العقوبات الاقتصادية، وفرض عزلة سياسية على النظام السوري خياراً أفضل, وهو ما يتجه إليه المجتمع الدولي، حيث تناقش اليوم ـ في مجلس الأمن ـ مسودة عقوبات اقتصادية على سورية.
المراقبون يتوقعون أن تذهب الأوضاع في سورية نحو المزيد من التدهور، فلن يتراجع المتظاهرون عن مطالبهم، ولن تستطيع عقلية السلطة استيعاب المرحلة، والتخلي عن العنف، وهو ما تأكد من خلال التصريحات الأخيرة للرئيس الأسد، حين أعلن ـ في مقابلة أجراها معه التلفزيون السوري مطلع الأسبوع ـ أنه لن يرضخ للضغوط الخارجية، قائلا: إنها يمكن أن تؤثر فقط quot;على رئيس صنع في أميركا وتقال لشعب خانع وذليلquot;.
إن نهاية القذافي في ليبيا، قد تقود النظام السوري إلى المزيد من التشدد الأمني، لأنه ـ بعقليته الحزبية التقليدية ـ سينظر إلى تركيز المجتمع الدولي عليه، على أنه مؤامرة دولية تستوجب المواجهة، وتتطلب التعبئة العامة.
الدعم الإيراني لسورية، لن يكون مفيداً، في حال فرض حظر نفطي، أو تجميد الأرصدة السورية، إذ تنتج سورية حوالي 400 ألف برميل يوميا من النفط. تصدر منه نحو 150 ألف برميل يوميا إلى دول أوروبية، وليس أمام النظام السوري إلا استيعاب الدروس المحيطة، وتجاوز الشعارات الحزبية، والخضوع لصوت العقل، بإجراء إصلاحات حقيقية، بعيداً عن التشنج، والخطاب الإعلامي المتطرف.