أسعد حيدر

ما يحدث في مصر، تاريخي. ثورة تتجدّد لشعب عظيم. شباب مصر كسروا الخوف وهم quot;حرّاسquot; أو quot;نوبة صاحيquot; للثورة. لن يستطيع أحد تجاوزهم. لا شبق ولا شراهة quot;الاخوان المسلمينquot; للسلطة، يمكنهما شطبهم، لأنّهم الجسم الصحيح والقوي للمجتمع المدني. الرئيس محمد مرسي، خسر المعركة، لأنّه تلاعب بمطالب المجتمع المدني المصري.

مصر لن تقبل بعد اليوم بـquot;فرعونquot; مهما كان اسمه وطموحه. كان على مرسي بعد أن حيّا الشهداء، ألا يدخل كما تفعل كل التنظيمات والقوى الإسلامية في لعبة الأشراف والخونة والمتاجرين بالوطنية. اللعب على الحبال لا ينفع. منذ 25 يناير لم يعد ممكناً التذاكي على الشعب المصري. في ثلاثة أو أربعة أيام لا أكثر لن ينتج الحوار، إن حصل، أي شيء.

العلّة أكبر من أن تُحل على طاولة الحوار السريع. الخلل بدأ مع أحادية الهيئة التأسيسية التي أنتجت دستورا كهذا يحوي مواد دستورية تخدم توجّهات معينة ضدّ المجتمع المدني، وتضع السلطة في يد الرئيس ومَن يوجهه ويعاونه. ايضاً الدستور ليس مجرّد قانون حتى يتم شطبه بين ليلة وضحاها. الدستور ليس مقدّساً ولكن ليس في كل يوم يتم تعديله.

لم يسقط مرسي، ولا أحد يريد إسقاط شرعيته إلاّ إذا تمادى في تجاهله لإرادة أغلبية الشعب المصري. مرسي فاز بالرئاسة، بأصوات المجتمع المدني. quot;الاخوان المسلمونquot; ومعهم الإسلاميون، لم يشكلوا أكثر من 35 في المئة من الناخبين. لا يمكن لمرسي ولا الاخوان الوقوف على ضفّة، وحكم وإدارة مصر منها، وكأنّه لا أحد فيها غيرهم. سقوط الاخوان باكراً في تجربة السلطة، نهاية لكل حقبة ثورة 1952. الاخوان شكّلوا في زمن تلك الثورة الطرف النقيض ولكن المكمّل لـ quot;الضباط الأحرارquot; وجمال عبدالناصر. مصر جديدة تُولد من قلب ثورة 25 يناير.

من حق قوى مصرية وعربية أن تخاف على مصر وعلى ثورتها. لكن يجب ألا يصل هذا الخوف إلى الأخذ بإمكان quot;سورنةquot; مصر. الجيش المصري مؤسسة وطنية متماسكة في خدمة مصر وحمايتها وليس جيشاً فئوياً يدمّر ليُبقي الرئيس وزمرته. ثورة 25 يناير وما بعدها خصوصاً عندما أقال مرسي قادة الجيش وعلى رأسهم المشير طنطاوي، أكدت ذلك. عاد الجيش إلى ثُكَنِهِ، واليوم وغداً سيحمي مصر من التمزّق. يعرف الجيش المصري أنّ مكانه محفوظ وحقوقه مُصانة وحتى مصالحه مضمونة.

من مصلحة العرب مثل المصريين أن تنجح ثورة مصر، لأنّ نجاحها يطمئن مختلف القوى المدنية العربية وقوى اقليمية ودولية إلى أنّ الإسلاميين مكوّن من مكوّنات المجتمعات العربية لا يمكن ولا يجب إلغاؤهم ولكن أيضاً لا يمكنهم احتكار السلطة وإعادة مصر وباقي الدول العربية الثائرة إلى زمن آخر لا علاقة له بالعالم وبالعصر وبالمستقبل.

سوريا والسوريون أكثر المعنيين بما يجري في مصر. أي تجاهل من أي طرف سوري لما يحدث في مصر، قيد مستقبلي له وضدّه. في زمن quot;ربع الساعةquot; الأخير من الأزمة في سوريا يجب عدم الدخول في رهانات حول فترته الزمنية. من المؤكد ان quot;ربع الساعةquot; الأخير سيكون أكثر دموية وخراباً، ومفاوضات تحت الطاولة وفوقها. quot;النظام الأسديquot; يتراجع برغم الطيران وسلاح الدبابات ودموية بعض وحدات الجيش السوري ووحشية quot;الشبّيحةquot;. الثوار يتقدّمون رغم الفوضى والفُرقة والتنافس فيما بينهم، وشحّ السلاح والذخيرة ومنع وصول الأسلحة الدفاعية الهجومية مثل صواريخ أرض جو وضدّ الدبابات.

هذا التقدّم يجري دعمه من الخارج وبإرادة عربية اقليمية ودولية، في تنظيم كل المجموعات المسلحة من ثوريين ومنشقين، والعمل لفرز القوى الجهادية والسلفية لأنها ليست في مجموعها متشابهة ولا كلها quot;ظلاميةquot;. أيضاً الغرب وفي مقدّمه الولايات المتحدة الأميركية بات مقتنعاً بأن:
[ كلما طالت الحرب في سوريا، ارتفع منسوب انتشار القوى الجهادية والسلفية خصوصاً اللصيقة بالقاعدة واخواتها. خيبة الأمل من الغرب، تفتح قلوب السوريين والمقاتلين لدعوات الجهاديين والظلاميين. الحل في إنهاء الحرب، لئلا يأخذ هؤلاء سوريا رهينة، وحتى لا تؤدي إطالة المواجهات إلى أن quot;تتصوملquot; سوريا وتتحوّل دولةً فاشلة بكل الأخطار التي يعززها موقعها الجيوستراتيجي على المنطقة.
[ quot;الأسد وزمرته ليس لهم دور في الحل السياسي وعليهم الرحيلquot;. أخيراً، أصبح الموقف الأميركي أوضح بكثير وأكثر تحديداً.
[ ان موسكو تعمل على الدخول في حل سياسي. مجرّد البحث عن quot;سبل خلاّقةquot; للحل بين لافروف وكلينتون والابراهيمي، والإشارة بأنّ البحث سيتم لصوغ quot;نسخة جديدة من إعلان جنيفquot; تقدم محسوب. جنيف 2 ستكون أوضح خصوصاً ما يتعلق بخروج الأسد من أي حل سياسي إن تم التوصّل إليه.
انقلاب موازين القوى على quot;الملعبquot; السوري، والحسم الدولي حول ضرورة إنهاء الحرب في سوريا حتى لا quot;تتصوملquot;، سيلعبان دوراً أساسياً في تعجيل وتقصير فترة ربع الساعة الأخير، وتاليا تخفيف ضريبة الدم التي يدفعها الشعب السوري.
[email protected]