يوسف الكويليت
كل من عملوا مع الأسدين الأب والابن يدركون أنهم تكملة عدد، وخاصة من لم يكن من العائلة والطائفة، فهم مجرد أسماء لإيهام الآخرين أن الحكم لكل السوريين، وحتى الذين أبدوا ولاءً مطلقاً كانوا دائماً تحت المراقبة، لأن النظام يرتاب بكل من لم يكن من حاشيته..
فاروق الشرع السنّي الذي تدرج في العديد من المناصب إلى وصوله نائباً للرئيس كانت وظيفته شرفية لا عملية، بدليل أنه من بداية الثورة عاش في الظل، وقيل إنه تحت الإقامة الجبرية، لكنه ظهر في اليومين الماضيين بحديث لصحيفة laquo;الأخبارraquo; اللبنانية المحسوبة على النظام السوري طالب (بوقف كل أعمال العنف وحكومة وطنية ذات صلاحيات واسعة) والتسوية تتم برعاية دول إقليمية أساسية وأعضاء من مجلس الأمن، وأنه لا حسم عسكرياً لطرفي النزاع!!
هذا الاعتراف وإن جاء متأخراً، فهو لا يخص الشرع، وإنما هو مشروع الدولة التي بدأت تشعر بوطأة المشكلة، وأن التضييق وصل العاصمة دمشق، وبدأ يهدد كيان النظام، وقد يوحي الحديث أن الطروحات والمطالب، ربما تعد تنازلاً نسبياً لحفظ ماء وجه السلطة، دون أن يوضح مصير الأسد وحكومته ومستقبله..
هناك تسريبات روسية صرحت بأن الأسد سلَّح طائفته العلوية، وأنه ينوي الهروب إلى الساحل الشمالي ليعلن دولته هناك، وهي آمال راودت أجداده أثناء الانتداب الفرنسي، ويريد إعادة تجديد هذه الآمال، لكن بالمفهوم العام، من سيعترف بهذه الدولة، فإيران وروسيا تعلمان أن لديهما أقليات لها نفس المطالب، ومع افتراض اعترافهما ما هي العوامل الاقتصادية التي تجعل منها دولة قادرة على العيش، وهل ستقبل في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى، أم ستصبح مجرد ملاذ آمن للأسرة، لكن في حال قطع الصلة مع المركز، فتركيا أول من سيحارب هذا الكيان وكذلك الدولة السورية القادمة..
المعارضة هي من تملك المبادرة، وليس الأسد وحكومته، وعملية الحسم بالقوة صارت بيدها، والغريب تزامن تصريحات الشرع مع حسن نصرالله وبنفس التوقيت والآراء وهذا يذهب بنا إلى أن النظام بدأ يشعر بصعوبة امتلاك السيطرة على معظم أجزاء سوريا..
فحلب ربما تسقط خلال أسابيع، وهي مفتاح الانتصار، لأنها العاصمة الاقتصادية مما يجعل بقية المدن تتساقط تلقائياً، طالما تأثيرها كبير على كل سوريا، وحتى محيط دمشق بات تحت مرمى الجيش الحر، وهو أول من تمرد وحمل لواء العصيان، ولذلك فمشروع الشرع ساقط بحكم تقادمه وعدم قبوله مضموناً أو عملاً من قبل الأكثرية السورية التي عانت التشريد والدمار والقتل بأبشع الصور في تاريخها، لكن لماذا هذا الحديث والطرح في هذا الوقت بالذات؟..
هناك شعور عام داخل محيط القصر الجمهوري أن النظام لم يعد له القدرة على الصمود، فهناك انشقاقات مقابل كسب المعارضة القوة والدعم البشري والمادي، وأن الحلفاء أنفسهم بدأوا يدركون أن عامل الوقت لا يسير لصالح النظام، ولعل اتساع المعركة وتحولها إلى حرب شوارع أبطل قدرة الجيش النظامي، ويأتي الاعتراف المتزايد من دول العالم الكبيرة وغيرها بما فيها الدول العربية بالاعتراف بالائتلاف الوطني السوري قاصمة لظهر النظام لأنه لم يعد لديه الغطاء القانوني والشرعي بوجوده، وهو أحد أهم أسباب حديث الشرع وتنازلاته..
التعليقات