أحمد الجارالله
لا يحتاج المرء لمعرفة الفكر الانقلابي لmacr;quot;الاخوان المسلمينquot; والسلف الى دلائل أكثر من تلك التي تشهدها مصر حاليا, وما يواجهه مجلسها العسكري من تهديدات بعض رموز جماعات الابتزاز السياسي لفرض أمر واقع مخالف لما اتفقت عليه غالبية الشعب, وما يضاف الى الشواهد على ديكتاتورية تلك الجماعات تهديد المرشح المستبعد حازم ابواسماعيل بتنظيم تظاهرة مليونية يوم الجمعة المقبل اذا لم تتراجع اللجنة العليا للانتخابات عن قرارها بمنعه من الترشح لمخالفته الدستور, في محاولة لدفع بلاده الى الفوضى او القبول به عنوة مرشحا للرئاسة.
مواقف ابواسماعيل هذه لا تكشف فقط عن نيته المبيتة لتخريب مصر وإعادتها الى عصر الانقلابات, بل عما تعانيه الجماعات المتأسلمة بعد إدراكها أنها باتت منبوذة في الشارع جراء اكتشاف الناس مدى خداعها , وما كان قبولها بالديمقراطية الا كمدخل للاستيلاء على السلطة بالارهاب والتهديد والاحتيال السياسي, إلا ان كل هذا انكشف عندما أفشل الشعب محاولتها فرض دستور مصر وحدها من دون مشاركة القوى السياسية الاخرى في البلاد?
ما تحاوله هذه الجماعات في مصر حاليا هو في الواقع استكمال لما عملت عليه نظيراتها في العراق وايران, حين اتخذت من الديمقراطية والحرية مطية لتحقيق أهدافها, ثم انقلبت عليها وأقرت القوانين الضامنة لها السيطرة على الحكم الى ما شاء الله, لكن ما يغيب عن بالها ان مصر تختلف عن غيرها, لهذا مهما علا ضجيجها وصراخها, وحتى باستحواذها على غالبية برلمانية لم يعد خافيا كيف حققتها, فانها ستبقى قلة.
ما حدث في مصر كان سرقة موصوفة لثورة 25 يناير من شبابها أقدمت عليها تلك القوى الانتهازية, لكنها لم تنعم طويلا بها فها هو الشعب المصري بدأ يلاحق اللصوص الذين استولوا على الشأن العام بmacr;quot;البلطجةquot; والمتاجرة بالدين عبر تصوير أنفسهم أنهم وحدهم المصلحون المؤمنون و غيرهم من كفار قريش, فيما نسي هؤلاء ان الشعب المصري بغالبيته عرف عنه الايمان والتقوى, ولا يحتاج الى مرشدين على شاكلة الملا عمر وابن لادن وquot;طالبانquot; لتعريفه دينه.
ما يطمئن الى ان مصر لن تقع في براثن هذه الجماعات, هو جاهزية الجيش المصري الذي رغم كل الاستفزازات لا يزال يمارس أعلى درجات ضبط النفس ويتعامل بحلم مع تلك الجماعات, لكن قيل قديما: اتق غضب الحليم, وليس ما حدث في العباسية قبل أيام من تفريق لأنصار ابو اسماعيل الا عنوان الكتاب الذي يمكن ان يقرأ فيه المجلس العسكري اذا غضب.
منظر تلك المخلوقات التي حاولت اقتحام وزارة الدفاع-آخر الحصون المتبقية لحفظ الأمن والاستقرار- كان أشبه بمشهد لجيش quot;طالبانيquot; ليس في القاهرة, بل في تورا بورا و قندهار او بيشاور, و سكنة الكهوف أصحاب الجاهلية الاولى قبل ان يرسل الله نبيه هاديا العالمين كافة الى سواء السبيل, وهو ما أثار الرعب في نفوسنا ونحن لسنا مواطنين مصريين, فكيف بالشعب المصري الذي لم تلوثه تعاليم الضالين.
لقد بات يقينا ان هذه الجماعات لا يمكن ان تقود مصر, فالشعب الذي صنع الحضارة العريقة لا يمكنه قبول دوران عقارب الساعة عشرات القرون الى الخلف, فتجعله- وتجعلنا معه- ضحايا جاهلية جديدة أين منها عصور الظلام الغابرة.
التعليقات