حال الأمة مختصرة بنقيضيها: حاكمٌ مستبد مخلوع ينتظر وراء القضبان أول الأحكام عليه، وحاكمٌ مستبد لم يخلع بعد ولا يتردد بالمجازفة بالشعب والدولة والجيش واستدراج البلد إلى حرب أهلية من أجل أن يبقى في السلطة.
إيلاف: يرى الكاتب عبد الوهاب بدرخان أن رحلة العذاب السورية إلى طوابير الاقتراع وصناديقه ستطول، فالنظام السوري لم يتردد في تكرار واحدة أخرى من المهازل التي يسمّيها laquo;انتخاباتraquo;، فلا هو ولا الذين اقترعوا أو انتُخبوا وولجوا إلى مبنى laquo;مجلس الشعبraquo; يصدّقون أن ما جرى كان انتخابات. ففي ذلك اليوم كان هناك laquo;شبيحةraquo; يقتلون في شارع و laquo;شبيحةraquo; يرصدون في شارع آخر مَن جاء يقترع لأن مَن لم يأتِ يعتبر متمرداً على التعليمات ويصبح هدفاً للتنكيل. وعلى النقيض من ذلك، يكتب رئيس تحرير صحيفة الثورة السورية علـي قاسـم ملفتا النظر الى ما يسميها ب( المؤامرة الغربية العربية ) على سوريا، فيدون بانه ليس من العسير فهم تداعيات التصعيد ضد سوريا وارتباطه بالفعل الإرهابي الذي سبقه كما يسميه، وتبني روايات المجازر المرتكبة والتسويق الإعلامي والسياسي لها إلى حدود التصديق الكامل لرواية الاتهام التي تناغمت معها أصوات السياسيين الأوروبيين والأميركيين.rlm;
لكن الكاتب جاسر الجاسر يذهب الى غير ما ذهب اليه قاسم، فيتحدث عن أن مرتكبي المجزرة معروفون ومحددون بدقة ومسؤولية نظام بشار الأسد عن هذه المجزرة مؤكدة، وهو ما دفع الدول الغربية التي لا يزال بعضها يبقي سفراء نظام بشار الأسد في عواصمها إلى طرد سفراء ذلك النظام، بعد أن صدم ببشاعة الجريمة التي ارتكبت في الحولة، إذ لا يمكن أن يقبل أن مجتمعاً يذبح الأطفال والنساء وهم مكبلون.
ومن وجهة نظر الكاتب المصري طه خليفة، فان طرد سفراء سوريا من هذه العاصمة الغربية أو تلك لا يكفي ولا يوقف الذبح ولا يمنع جَزّ رؤوس الأطفال، و مع ذلك لا عاصمة عربية أو إسلامية طردت سفيرا حتى الآن. عبد الوهاب بدرخان : حال الأمة.. مصر تنتخب.. سورية تنتحب
اشتعل الجدال غداة الاقتراع لاختيار الرئيس الأول لمصر خلفاً لآخر laquo;فرعونraquo; جاء إلى الحكم من دون انتخاب. شعر المصريون بأنهم اقتيدوا إلى مقلب يضعهم أمام خيار من اثنين: السيئ والأسوأ، بحسب الموقع الذي يؤيدونه أو يقفون فيه. في اللحظة ذاتها كان السوريون يتعرّفون بذهول إلى آخر الأهوال التي يرتكبها النظام بدم بارد وبتصميم وإصرار، مجازر بشرية تلو مجازر، واعداً بالمزيد منها، حتى لكأنه لقّن العالم أن يرى جثث الأطفال كمشهد عادي، بدليل أن مجلس الأمن تحوّل في بيانه بعد مجزرة الحُولة مجلساً للتعازي الدولية. هذه حال الأمة مختصرة بنقيضيها: حاكمٌ مستبد مخلوع ينتظر وراء القضبان أول الأحكام عليه، وحاكمٌ مستبد لم يخلع بعد ولا يتردد بالمجازفة بالشعب والدولة والجيش واستدراج البلد إلى حرب أهلية من أجل أن يبقى في السلطة، ولن يبقى... في الحالين كانت يقظة الشعب، ولو متأخرة، هي التي صنعت الفارق، لكن كانت وقفة الجيش هي التي حقنت الدماء في مصر، أما في سورية فكان الجيش دائماً رهينة لطغمة حاكمة تستخدمه وقوداً لأوهامها، وفيما يبدو الطفل السوري أكثر انعتاقاً وتحرراً حتى وهو جثة هامدة، يبدو الجيش مغلول الأيدي والأقدام كمعتقلي غوانتنامو لا يتحرك إلا مدفوعاً في الاتجاه الذي يريده سجّانوه في سعيهم إلى رصيد إضافي من الأوهام.
رحلة العذاب السورية إلى طوابير الاقتراع وصناديقه ستطول أكثر مما تصوّر الثوار، فالنظام لم يتردد في تكرار واحدة أخرى من المهازل التي يسمّيها laquo;انتخاباتraquo;، فلا هو ولا الذين اقترعوا أو انتُخبوا وولجوا إلى مبنى laquo;مجلس الشعبraquo; يصدّقون أن ما جرى كان انتخابات. ففي ذلك اليوم كان هناك laquo;شبيحةraquo; يقتلون في شارع و laquo;شبيحةraquo; يرصدون في شارع آخر مَن جاء يقترع لأن مَن لم يأتِ يعتبر متمرداً على التعليمات ويصبح هدفاً للتنكيل. كان ذاك اقتراعاً لإدامة laquo;الشبيحةraquo; ونظامهم.
رحلة المصريين إلى غدهم الطالع لم تكن سهلة ولم تخلُ من إراقة الدماء، فحتى laquo;موقعة الجملraquo; رغم هولها وقد نمّت عن غباء خالص لدى مرتكبيها، لا تُقارن بتدمير منهجي لأحياء كاملة في حمص وحماه وقد نمّ عن إجرام وحشي مطلق لدى مرتكبيه. وبوصول المصريين إلى صناديق الاقتراع، وبعض منهم لا يزال يهتف laquo;يسقط حكم العسكرraquo;، فإنهم سيتذكرون قريباً أن ما يسمونه laquo;عُرساً ديمقراطياًraquo; ما كان ليتم من دون ضمان الجيش وحمايته. كانوا أحراراً في الإفصاح عن عدم الثقة بعسكريين مكثوا طويلاً في الحكم ويصعب تصورهم منسحبين منه ببساطة وأريحية، بل كانوا واعين في مثابرتهم على إبقاء المجلس العسكري تحت ضغوط التشكيك بمناوراته للحفاظ على خيوط الحكم في يده. فالثورة فتحت أمام الشعب آفاقاً كانت مسدودة ولم يكن يعرفها، قوامها الحرية والاختيار، وكان عليه أن يتأهل لهذه الفرصة ويستوعب مسؤوليته في ممارسته لهذين الاستحقاقين. كذلك وضعت الثورة المؤسسة العسكرية أمام مراجعة كبرى لتحديد جديد معصرن لمهمتها: حماية الجمهورية والنظام الديمقراطي بموازاة حماية الحدود والأمن القومي والاستقرار. صحيح أن الخيار صعب في مصر لكنه من صنع الشعب ولم يفرض عليه لا بالقوة ولا بالتزوير، ثم إنه ينطوي على منطق هو عموماً نتاج مجتمع خارج من التعرّض طوال ستين عاماً لثقافة حكم لم يكن ممكناً ولا طبيعياً استئصالها خلال سنة انتقالية. لم يكن جميع مريدي النظام السابق مقودين مخدوعين أو مسيّرين مستلبين، بل كان بينهم الكثير من المقتنعين به والمتعايشين معه والذين يرون فيه أهون الشرور، فضلاً عن جمهرة المستفيدين وأصحاب المصالح و laquo;النخبة الفاسدةraquo;. هناك من كانوا معه لأنه حظّر الأحزاب الدينية وكان حاجزاً منيعاً أمامها، وهناك من لم يكونوا معه لكنهم ضد وصول الإسلاميين إلى الحكم لمجرد أنهم إسلاميون. لم ترفع laquo;ثورة 25 ينايرraquo; ولا في لحظة شعار الدولة الدينية، بل طالبت بالدولة المدنية، وبالحريات والديمقراطية. ولا يمكن للديني أو العسكري أن يكون مدنياً طالما أنه مسكونٌ بأجندته ولم يتمرّس في قبول الآخر واحترام الحريّات. لا تزال روح الثورة موجودة، وإذا تفرقت أطيافها فهذا لا يُعاب عليها بل كان طبيعياً ومتوقعاً، لكن الخطأ الذي ارتكبه الجميع كان في عدم اعترافهم بحقائق المجتمع كما تبيّنت أخيراً في نتائج الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية، بل الأخطر كان الذهاب إلى الانتخابات كما لو أنها تجرى في ميدان التحرير: فما ظهر جلياً من نسبة المشاركة في الاقتراع ومن توزّع الأصوات ومن ردود الفعل المستنكرة للنتائج أن المجتمع ليس جاهزاً للاتجاه مع laquo;الإخوان المسلمينraquo; إلى تغيير جذري، ولا للعودة إلى النـظام السابق ولو معالَجاً.
أما الظاهرة الأخرى في النتائج فهي أن المرشحين الثلاثة الذين يشكلون الوسط بأمزجته المختلفة جمعوا معاً نسبة أعلى مما ناله مرشحا المواجهة معاً، وفي ذلك دلالة واضحة إلى أن الشعب كان يفضل مرشحاً وسطياً أو توافقياً أقله للسنوات الأربع الأولى بعد الثورة، ومع أنه صَعّد الفكرة فإنه لم يتمكن من تصعيد مرشح واحد يجسّدها. فبين عمرو موسى (الوسطي المتمايز عن النظام السابق) وعبد المنعم أبو الفتوح (الوسطي المنشق عن laquo;الإخوانraquo;) وحمدين صباحي (حلقة الوصل بين قيم الثورة وقيم النظام السابق) تبعثرت الأصوات الرافضة مبدئياً ما يمثله أحمد شفيق ومحمد مرسي، والمضطرة عملياً الآن إلى اختيار واحد من هذين الاثنين. لا يزال laquo;الإخوانraquo; يُلامون على عدم ترجيح التوافق الذي أعلنوا التزامه ثم انقلبوا عليه، كما يُلام ممثلو الثورة على عدم فرملة اندفاعهم إلى إضفاء نوع التجريم لمن صنفوهم laquo;فلول النظام السابقraquo; فوقعوا في إقصاء عشوائي غير مبرر ونسوا أن من شأن الثورة أن تعيد لمّ شمل الشعب.
ولعلّ هذا الإقصاء - بمرجعيته الثورية ndash; هو ما زيّن لـ laquo;الإخوانraquo; الإسراع بقوننة laquo;عزل الفلولraquo; ولم يفطنوا إلى رد الفعل الذي زاد الاصطفاف وراء أحمد شفيق، الذي استفاد على أي حال من أخطاء خصومه جميعاً. إلى أين من هنا؟ لا بد أن الموقف السليم هو قبول نتيجة الانتخابات أياً تكن المشاعر إزاءها، لأنها خيار الشعب المصري وليست خيار شعب آخر اندسّ في طوابير الناخبين. والمهم إعطاء الصوت لمَن من الاثنين يستطيع أن يكون أقرب إلى الدولة المدنية وطموحات الوسط. وإذا انتصر هذا المعيار فإن الخيار التوافقي الواضح والحاسم سيكون متاحاً لكن... بعد أربع سنوات.
يبقى مشروعاً أن يعرب المصريون عن الغضب والسخط والاستياء، فهذا يعبّر عن حيوية دفاعهم عن حقوقهم، لكن فلتبقَ حربهم الأهلية سياسية، وسياسية بحتة. ثمة شعب عربي آخر في سورية يبدو مضطراً إلى حمل السلاح والتوغل في حرب أهلية دامية للحصول على أبسط حقوقه: الحرية والكرامة والعدالة... قيمٌ ثلاث لا وجود لها في قاموس النظام السوري.
جاسر عبد العزيز الجاسر: مجزرة الحولة تدفع للحل العسكري
حتماً سيثبت التحقيق الذي سيجريه مراقبو الأمم المتحدة في سوريا مسؤولية نظام بشار الأسد عن المجزرة التي شهدتها قرية الحولة في محافظة حمص، فجميع الدول التي لها عيون وأجهزة تتابع بما فيها حلفاء بشار الأسد من روس وصينيين متأكدين من تورط أجهزة النظام الرسمية من قطعات عسكرية وأجهزة أمنية وشبيحة وعناصر من حزب الله والحرس الثوري الإيراني في مجزرة الحولة.
فالمجزرة حصلت بعد قصف مدفعي مكثف لقرية الحولة من قبل دبابات ومدفعية النظام أعقب ذلك اجتياح لمجاميع من الشبيحة وعناصر غريبة عن المنطقة يتحدثون بلهجة غير عربية، وبعد أن طوّقت المنطقة ومنع المواطنون من دخولها لتتم عملية ذبح الأطفال والنساء وقد وجدوا laquo;مربوطي الأيديraquo; وأن بعضهم قد ذبح والآخرون أطلق عليهم الرصاص، مجزرة لا يمكن أن يقدم عليها إلا من نزعت الرحمة من قلوبهم وقست أفئدتهم، هدفهم إثارة فتنة طائفية كون جميع الضحايا من أهل السنة، الذين يتعرضون لـquot;تطهيرquot; بقصد إفراغ محافظة حمص لإقامة كيان طائفي يتواصل مع المناطق الساحلية التي يسعى الطائفيونإلىإقامة كيانهم العلوي عند فقد السلطة في سورية.
مرتكبو المجزرة معروفون ومحددون بدقة ومسؤولية نظام بشار الأسد عن هذه المجزرة مؤكدة، وهو ما دفع الدول الغربية التي لا يزال بعضها يبقي سفراء نظام بشار الأسد في عواصمهم إلى طرد سفراء ذلك النظام بعد أن صدم ببشاعة الجريمة التي ارتكبت في الحولة، إذ لا يمكن أن يقبل أن مجتمعاً يذبح الأطفال والنساء وهم مكبلون..!!
هذه المجزرة التي لم يكن أحد يتصوّرها جعلت المجتمع الدولي يتحرك لوضع حدٍ لجرائم نظام بشار الأسد، فرغم قول وزير خارجية روسيا بأن الوقت لم يحن بعد للتدخل العسكري معاكساً الرغبة الدولية إلا أن هناك تزايداً دولياً مدعوماً بضغط عربي إلى اللجوء إلى البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يجيز عملاً عسكرياً ينقذ الشعب السوري من جرائم النظام الحاكم. فقد تعالت الأصوات في أميركا وفرنسا وبلجيكا وأستراليا بضرورة اللجوء إلى العمل العسكري، ورغم معارضة موسكو وبكين حتى الآن، إلا أن الضغوط الدولية تحاصر روسيا والصين، وسوف يواجه بوتين ضغوطاً دولية وأخلاقية خاصة في اجتماعه القادم مع أوباما ومع هولندا ما يمهد الطريق لإصدار قرار أممي ينهي حكم بشار الأسد لوقف المجازر المرتكبة بحق الشعب السوري مع تلبية مصالح روسيا في سوريا وخاصة بالإبقاء على قاعدتها البحرية في طرطوس.
هذا التصور ليس أماني فقط بل كل التحركات الدولية تشير إليه لأنه لا يمكن أن تظل روسيا والصين تدعمان نظاماً يواصل ارتكاب المجازر التي فاقت كل التصور وتجاوزت المحاذير فلم يتم قبل ذلك ذبح أطفال ونساء بمثل هذا العدد والكيفية التي تمت بها.
طه خليفة : ذبح الأطفال
طرد سفراء سوريا من هذه العاصمة الغربية أو تلك لا يكفي ولا يوقف الذبح ولا يمنع جَزّ رؤوس الأطفال. مع ذلك لا عاصمة عربية أو إسلامية طردت سفيرا حتى الآن، بعض العواصم كانت قد استدعت سفراءها فقط منذ أشهر، إذن..حتى في الخطوات المتواضعة، فإن العرب والمسلمين غير قادرين على اتخاذها.
طرد السفراء من أميركا وفرنسا وبريطانيا وكندا وأستراليا ودول العالم الحر هو عمل العاجز عن الحسم.
العقوبات الاقتصادية والسياسية والعسكرية.. ماذا فعلت؟، فالذبح اليومي مستمر للنساء والأطفال والعجائز والشباب وكل كائن حي في سوريا منذ انطلقت الثورة قبل 15 شهرا.
العالم يتفرج على أكبر مذبحة لشعب تحول إلى فريسة لنظام ذئب بلا أخلاق أو دين أو ضمير أو إنسانية أصدر أمرا واحدا ووحيدا منذ اليوم الأول للثورة لشبيحته: أبيدوا كل ما تطاله بنادقكم ودباباتكم ومدافعكم وخناجركم وسيوفكم وآلات القتل الرهيبة في أياديكم، فلا مكان لمن يقول quot;لاquot; حتى في نومه.
حكم طائفي عائلي احتلالي مدعوم من الاستبداد الديني الطائفي المذهبي في محور الشبيحة الذي يمتد من طهران إلى دمشق مرورا بحكومة المالكي في العراق وحزب الله في لبنان، هو الحلف الأخطر على المنطقة والذي يريد ابتلاعها والذي يعربد كما يشاء دون أن يقدر أحد على ردعه.
إسرائيل هي quot;العدوquot; وأنا منذ وعيت على الفهم ومتابعة السياسة لم أجدها تفعل في الفلسطينيين ما يفعله نظام البعث في السوريين في الحولة وحمص وحماة ودرعا وريف دمشق وكفر بطما وحي بابا عمرو وفي غيرها من كل قرى وأحياء ومدن سوريا المستباحة مسفوكة الدماء. جاء اليوم الذي نقول فيه إن إسرائيل أرحم على الفلسطينيين من برابرة العصر على شعبهم في سوريا.
بالطبع العرب غير قادرين على فعل أي شيء سياسي أو عسكري تجاه الهمجية، هناك عرب متواطئون وشركاء في ذبح الأبرياء، ودائما يتكئ العرب على أميركا، لكن للأسف واضح أن أميركا أوباما أجبن من أن تفعل شيئا حقيقيا لشعب ذبيح. أميركا داعية الحرية وحقوق الإنسان لا تقدم لشعب يريد الحرية ويضحي بدمه غير التصريحات الفارغة والعقوبات غير المؤثرة التي تعوضها إيران وبغداد وحزب الله فورا.
أميركا أوباما أكبر كذبة فهل يرحل هذا الرئيس الخائف الذي يقبل الهزيمة من روسيا في سوريا، بل وتهزمه إيران في النووي، ويهزمه حزب الله بإحكام سيطرته على لبنان بسلاحه، وحتى المالكي صنيعته فإنه يصفعه عندما يربط العراق بإيران.
نحن أمام أكبر فضيحة للمجتمع الدولي الذي يتابع فصول مذبحة أكبر من مذابح البلقان ولا يتحرك كما يجب أن يكون التحرك وهو السيناريو الليبي فهو العلاج الأخير الباقي.
فلا النظام سيسقط بعقوبات حيث يتم تعويض آثارها فورا من محور الشبيحة، ولا انقلاب عسكريا سيحدث لأن العسكر هم العائلة الطائفة الأقلية الحاكمة التي ستظل تقتل حتى آخر سوري لتبقى هي تحكم نفسها، ولا النظام سيرحل من نفسه على غرار ما حصل في اليمن حيث محور الشبيحة لا يريد إلا النظام المجرم أو حرق سوريا والمنطقة كلها التي صارت تحت ضرسهم ورهينة لهم.
لا حل إلا بإزالة النظام لتلقين محور الشبيحة درسا ومعهم روسيا والصين اللتان تشاكسان أميركا القوة الأعظم التي يعود أوباما بها إلى الضعف والمهانة.
رسالة الكاتب الفرنسي هنري برنانر ليفي لرئيس وزراء فرنسا الجديد هولاند بأن يتخذ المبادرة في سوريا كما فعل في ليبيا رسالة ذات مغزى الآن.
ليفي كان وراء حماس ساركوزي لإنقاذ المدنيين من سفاح ليبيا.
الأمل ما زال قائما ليهزم المجتمع الدولي عجزه ويسارع لإنقاذ المدنيين في سوريا بأي شكل.إذا كان أحد لن يعجبه ذلك فهل هناك من حلول أخرى لم يتم طرحها لوقف شلالات الدماء المتفجرة؟.لله الأمر من قبل ومن بعد.
علـي قاسـم: التصعيد الغربي ومحاصرة أنان
رغم المفارقة المدوية والتناقض الحاد في مدلولاتها، فإنه ليس من الصعب قراءة توقيت التصعيد الغربي وتزامنه مع زيارة كوفي أنان إلى سورية،بل ليس من العسير فهم تداعياته وارتباطه بالتصعيد (الإرهابي ) الذي سبقه، والمجازر المرتكبة والتسويق الإعلامي والسياسي لها إلى حدود التبني الكامل لرواية الاتهام التي تناغمت معها أصوات السياسيين الأوروبيين والأميركيين.rlm;
فالواضح أن الخطوات ليست وليدة اللحظة، ولا هي مصادفة أو عرضية، بل تأتي متدرجة في سياق تطوراتها وتزامناً مع اللغة الملونة وأحياناً الملتبسة التي تصدر عن المسؤولين الأممين في غير مكان.rlm;
إذ إن المبعوث الدولي الذي اطلع على الكثير من التفاصيل، وجد نفسه أمام صورة قد تعدل الكثير من المعطيات التي رسمتها صورة الإعلام ومواقف السياسة، فكان القرار الغربي بمحاصرته قبل أن يغادر دمشق كي لا يذهب في مهمته أبعد من ذلك، وكي لا يتمادى في الرؤية ولا في المواقف، ولاسيما حين أدركت الأطراف الغربية أن إشارته إلى الأطراف الخارجية ودورها في تأجيج الإرهاب ومطالبتها بالتالي الالتزام بالخطة ما سيضعها في موقع الاتهام، وقد يكون أكثر من ذلك.rlm;
فهذا التناغم الفاضح في المواقف، والارتدادات الموازية لها على الأرض، وبالتزامن مع تصريحات ومواقف لم تكتفِ بتصعيدها السياسي ولا بالتهور إلى حدود الصفاقة، يفضح الكثير من الخفايا والأسرار، ويجمع خلفه وقائع يصعب تجاهلها أو القفز فوقها، حيث تستبق إنجاز المراقبين لتحقيقهم المستقل، كما تستبق التحقيق الذي تجريه سورية في دلالة واضحة على النيات المبيتة أساساً، والتي تكشف دوافع التصعيد الإرهابي وأبعاد التوظيف السياسي المعد مسبقاً، سواء في التخطيط للمجازر أم طريقة تنفيذها أم في الاستثمار السياسي والإعلامي لها لتكون الذريعة الجديدة.rlm;
هكذا تجمعت الخيوط ذاتها، وفي نسق متزامن لتكون كرة الثلج التي يراد لها أن تتدحرج إلى حيث يصعب إيقافها، فتكون ضحيتها الأولى مهمة السيد أنان، بعد أن أشاد بروح التعاون بين الحكومة السورية والمراقبين، ما أثار حفيظة الأوروبيين، وإيحاءاته المتكررة عن دور الأطراف الخارجية، وهذا ما يفسر على الأقل ذلك التسارع في التصعيد الغربي بالتوازي مع تصاعد أعمال المسلحين والإرهابيين.rlm;
على هذه القاعدة يمكن فهم أبعاد التصريحات الروسية الواضحة والتحذيرات من الاستخدام الخاطئ لخطة أنان، وأن يكون توحيد المعارضة للحوار وليس لإشعال الحرب الأهلية التي يروّج لها الغرب وتسعى إليها الأطراف الخارجية معارضة وقوىً ودولاً.rlm;
والخطير أن الأمر لم يقتصر على ذلك الاستخدام الخاطئ واستغلال وجود المراقبين للتسليح والدعم وتوفير البيئة الخصبة للإرهاب فحسب، وإنما يتجه نحو محاصرة المهمة ونسفها وإجهاضها في تناغم محكم لا يمكن معه تحييد العامل الإسرائيلي، ودخوله الفاضح على خط الأزمة، ليكون بمثابة أمر العمليات للتصعيد الغربي الذي صدر من واشنطن بعد أن أعد في الغرف المغلقة العربية وباشراف إسرائيلي.rlm;
بكل المعطيات، فإن السوريين الذين كانوا ينتظرون زيارة أنان للإجابة على الكثير من الأسئلة، جاءهم الجواب صريحاً عبر التصعيد الغربي بالتزامن وفي التوقيت، ليعفي السيد أنان من حرج الإجابة، وإن كان يغمز من قناته أيضاً ويضعه أمام اختبار فك الحصار الغربي له، وتأكد السوريون أكثر من أي وقت مضى أن المواجهة التي أعدوا لها جيداً قد باتت معلنة وهم جاهزون دائماً وقد أثبتوا ذلك.. وليكن النفير!!..rlm;
مصادر ( الثورة السورية، الحياة اللندنية، الوفد المصرية، الجزيرة السعودية )
التعليقات