عبدالعظيم درويش

حتى لحظة كتابة هذه السطور لا أحد يعلم شخصية من سيخطو أولى خطواته يوم الأحد المقبل على درجات سلم quot; قصر العروبة الرئاسى quot; ليقود الجمهورية الثانية بعد أن يحمل رقم quot; السادس quot; من بين رؤساء مصر منذ قيام ثورة 1952 إذا ما استدعينا من الذاكرة كلا من الراحلين اللواء محمد نجيب والدكتور صوفى أبو طالب .

الجميع لا يزال فى انتظار اسم من سيعلنه المستشار فاروق سلطان quot; رئيسا للجمهورية quot; الفريق شفيق أم الدكتور مرسى وأى منهما سيتصدرلإدارة الوطن التى تختلف بطبيعة الحال عن إدارة جماعة اعتبرت نفسها صاحبة التوكيل الإلهى أو عن حزب أُطيح به من سلطة اختطفها على مدى 60 عاما بعد أن انتحل أسماء ومسميات مختلفة .!

المنطق يؤكد أنتحقيق حلم شعب أمر مغاير تماماً عن الاستجابة لرغبة أفراد أو quot;شلة منتفعين quot;.. وأن تحمل مسئولية تنمية اقتصاد دولة مهمةتتجاوز بالتأكيد حدود الاعتماد على laquo;زكاة أفرادraquo; أو تراكم الثروات لدى قلة من رجال الأعمال .. وأن تحقيق أمن الوطن يستوجب احترام مواثيق ومعاهدات دولية وُقعت ولا يحتمل مغامرة أو خطوة حماسية تستهدف انتزاع تصفيق الجماهير أو الارتماء فى أحضان من كانوا أعداء بالأمس ولا يزالون إلى اليوم ..وأن اعادة بناء دولة تكليف يستوجب أن توجه جهود ابنائها إلى الداخل دون أن تمرق إلى خارج حدودها.!!

يامن ستستعرض حرس الشرف وتلوح لجماهير وطنك عليك ndash; وأنت تخطو باتجاه مقر الرئاسة إن كنت الفريق أو الدكتورndash; أن تكون الأكثر حرصاً على تغييب اثنين عن ذلك المشهد : quot; الجماعة أو بقايا الحزب ..ومسرور السياف quot; إذ أنك أصبحت الآن رئيساً لكل المصريين وليس رئيسا فقط لأعضاء جماعتك أو قائدا لبقايا نظام , وعليك أن تتخلص كليا من روح الثأر من الآخرين التى ربما تكون - باعتبارك من البشر - قد تملكتك أخيرا خلال صراعك على quot; كرسى الرئاسة quot; أو كانت من ميراث الماضى فعليك الآن أن تؤكد أنك أصبحت رئيسا مسالما وليس أميرا للانتقام .!!

إذا كنت quot;مرسى أو شفيق quot; فإننىلا أعتقد أن أيا من كتاب السيناريو يمكن أن يتطرق إلى ذهنه هذا المشهد : من مُعتقل وراء الأسوار أو من مُطارد من جانب الجماهير إلى رئيس منتخب بإرادة مواطنين اختاروه .. فالمشهد السياسى الآن يكشف عن أن الإخوان ndash; وفى مقدمتهم بالقطع الرئيس مرسى ndash; قد بدأوا طريقهم من المعتقلات إلى مقاعد الحكم ... ومن المطاردة إلى المشاركة.. وبالنسبة للرئيس شفيق فإنه قد انتقل من العمل وسط بقايا شريحة من حزب يمثل له laquo;ذنباraquo; دعا الله أن يغفره له فاستجاب سبحانه وتعالى وحظى بأصوات ناخبين اختاروه .!!

بات الآن على الرئيس أن يمد يده للمجتمع بكل شرائحه وأبنائه إذ أن الثورة ndash; التى دفعت أيا منهما باتجاه قصر الرئاسة ndash; قد أثمرت على مدى 18 يوماً كاملا فى ميدان التحرير شعبا موحدا ودفعت حروف لغة الضاد جميعها إلى الهجرة من قاموسها ولم يبق فيه سوي ثلاثة منها فقط quot;م ص رquot;.!

وبصرف النظر عن أيهما الذى سيكتسب لقب quot; سيادة الرئيس quot; فإن عليهما أن يقفا أمام كاميرات القنوات الفضائية وعدسات الصحف ومحرريها ليعلنا اعتذارهما للمواطنين عن تلك الحالة من الاضطراب والقلق والتوتر والخوف التى فرضاها على جموع المواطنين على مدى أكثر من أربعة أيام , وعن تلك quot; اللغة الخشنة quot; التى تعاملا بها بين بعضهما والتلاسن والتراشق بالكلمات وباتهامات التخوين التى ربما يقبلها الناخب المصرى من مرشحين لمواقع أخرى إلا أنه بالتأكيد لا يقبلها من مرشحين لذلك الموقع الراقى .

وإذا كان البعض يتخوف من أن الرئيس المقبل سيحلق فى سماء الرئاسة دون أجنحة بعد أن نزعها عنه الاعلان الدستورى المكمل وبخاصة حقه فى إصدار قرارات بقوة القانون فإنه ظن أكثره ndash; وليس بعضه - quot;إثمquot; إذ أنه حتى الدستور السابق قد اشترط شروطاً محددة ومؤقتة غير متوافرة الآن لمنحه هذه السلطة .

وعلى كل حال فإنه إذا ما حاول الرئيس المقبل أن يحلق فى سماء مشروعه الخاص فإنه بالتأكيد سيقترب من quot; شمس الميدان الحارقة quot; ووقتها سيهوى قبل أن يكتشف أن أجنحته هذه التى حلق بها كانت من الشمع !!