إحتجاب تكتيكي للأخوان المسلمين في الأردن بعد وصفهم بـ 'ذئب في ثوب حمل' والنسور يواصل ماراثون المشاورات وسط تعقيدات بمعركة الثقة

بسام البدارين

ظهر الشيخ حمزة منصور الأمين العام لجبهة العمل الإسلامي على شاشة تلفزيون الحكومة الأردنية بين ضيوف رئيس الوزراء عبد الله النسور من القادة الحزبيين الذين شاورهم قبل الإعلان عن طاقمه الوزاري الجديد في إتصالات ماراثونية عطلت ولادة الحكومة نحو عشرة أيام وإحتاجت جولة إضافية مع كتل البرلمان بدأت أمس الخميس.
ظهور الشيخ منصور اليتيم في الإعلام الرسمي منذ أسابيع يؤشر على أن رئاسة الوزراء دعت الحزب الأكبر في البلاد للمشاركة في اللقاء والحوار والأهم على أن هذا الحزب قرر تلبية الدعوة خلافا لرفضه التحاور مع حكومات سابقة في ظل شروط علنية بإسم الإصلاح الدستوري والسياسي.
قبل ذلك إكتفى الإسلاميون بظهورعلني مكررعبر بيانين صدرا بمناسبتين فقط مؤخرا.
البيان الأول على شكل رسالة وجهها الشيخ منصور نفسه للنسور بعنوان ظاهرة 'عبادة الشيطان' محذرا من السكوت على تجاوزات تطال ثوابت الدين وتنتهك المقدسات.
والييان الثاني على شكل تعليق مقتضب صدر عن مكتب الأخوان المسلمين يعبرعن إستغراب الجماعة ورفضها للتوصيفات والتصنيفات التي وردت في مقابلة مفترضة مع الملك عبدلله الثاني نشرتها مجلة أتلانتك الأمريكية حيث وصف الأخوان المسلمون فيها بانهم 'ذئاب في ثوب حمل' ويقلدون في مواقفهم المحافل الماسونية.
وحتى قبل ما نشرته الصحيفة الأمريكية غاب قادة الحركة الإسلامية عن الأضواء تماما ودخلوا بعد مقاطعة الإنتخابات في حالة 'إحتجاب' تكتيكية على الأرجح لم تعرف أسبابها بعد لكنها تترقب إرتفاع الأسعار وتشكيل الطاقم الحكومي وتركيبة مجلس الأعيان والتحولات الدراماتيكية إقليميا وخصوصا على المسار السوري.
عمليا يمكن وبوضوح ملاحظة هذا الإحتجاب فالتعليقات والتصريحات المعتادة للرجل الثاني في التنظيم الأخواني الشيخ زكي بني إرشيد تقلصت كثيرا واللجان الشبابية النشطة بإسم التيار ضمن حراك الشارع تظهر الحد الأدنى من التفاعل ولم يعمل الإسلاميون على إنعاش الحراك الشعبي الذي دخل عمليا في حالة 'كمون' حسب نشطاء وفي حالة إحتضار وفقا لمسؤولين.
لكنها حالة كمون قد تكون مؤقتة إذا ما أصر النسور على رفع الأسعار فعلا في شهر نيسان (ابريل) أو حزيران (يونيو) المقبل.
وثمة أسباب تدفع للإعتقاد بأن مطبخ الأخوان المسلمين عموما قرر حالة 'الإرتخاء' قليلا ودخل في حالة ترقب مفصلية بناء على إعتبارات أساسية تنحصر في تقييم الوضع الداخلي للتنظيم وتقدير مستوى نجاح محاولة إنشقاق أو إنقسام رعتها السلطات عن بعد.. كذلك تقييم المستجدات المتسارعة جنوب سورية خصوصا في ظل سيناريو المنطقة العازلة وتحديد تكتيكات الحكومة الجديدة تجاه ملف التيار الإسلامي.
وفي الواقع دخل الجناح المعارض لقيادة الأخوان الحالية داخل التنظيم بقيادة ما يسمى بمبادرة زمزم هو الأخر في حالة ترقب وتوقفت فعاليات الإنسحاب والضغط مؤقتا وخفتت حدة تبادل التصريحات والتجريحات إنتظارا من الجميع للخطوة اللاحقة مع أن الحركة الإسلامية إكتفت بإعتراض مقتضب جدا على الإتهامات التي وردت في مجلة أتلانتك.
الشيخ إرشيد وفي عدة أحاديث لـ'القدس العربي' أصر على أن جماعة الأخوان ليست في أزمة بل خصومها ومن يحاولون إقصاءها أو تجاهلها مؤكدا بأن مؤسسة القرار هي المأزومة وتاهت خياراتها.
لكن في غرفة القرار الرسمية تسأل شخصيات مؤثرة عن سر غياب الحركة الإسلامية المفاجىء عن الحراك والشارع والأضواء وهو سؤال يربطه نشطاء بالسعي لإرسال رسالة ضمنية فكرتها دفع مؤسسة القرار لإستشعار الفارق الحيوي بين الإسلاميين المعتدلين ونشطاء التيار السلفي.
هنا حصريا يلاحظ الناشط الإسلامي المستقبل محمد الحديد بأن إستهداف المعتدلين ومعهم المؤمنون سيقود إلى كارثة ولا ينطوي على حكمة من أي نوع لكن بالنسبة للشيخ إرشيد كل شيء حقيقي وإصلاحي ومنتج يغيب عن الساحة حاليا.
أما على جبهة الحكومة فيحتفظ النسور بكل الأوراق في جيبه ويرفض الإفصاح عن هوية أي وزير في طاقمه الوشيك وسط إنطباع سياسي بأن شعوره بالخطر فيما يتعلق بالحصول على ثقة البرلمان دفعه لجولة إضافية من المشاورات مع كتل البرلمان بدأت فعلا الخميس باللقاء الثاني مع كتلة وطن على أمل التمكن من الحصول على ثقة البرلمان دون التنازل عن رفع الأسعار.