بسام البدارين

إبلاغ رئيس الوزراء الأردني الدكتور عبد الله النسور بعض أعضاء مجلس النواب بأن وقوف حكومته الوشيك على محطة التعديل الوزاري الأول لأول وزارة تشاورية في البلاد لا يتقصد فقط الإيحاء بأن الضوء الأخضر صدر بالسماح بالتعديل بقدر ما يرد ضمنيا على حمى التسريبات والشائعات التي توقعت سقوط الوزارة قريبا.
يعرف النسور تمام المعرفة بأن معارضته المتواصلة للحكومات وبصوت مرتفع تحت قبة البرلمان هي التي أوصلته لمقعد الرئاسة وسط مشاعر متناقضة لأركان الدولة والحكم.
لكنه يعرف بالمقابل بأن جدية حكومته فيما يتعلق بالخطوات الإقتصادية التي إتخذت جعله أحد أكثر رؤساء الحكومات نفوذا لدى المرجعيات العليا ففكرة ولاية النسور كانت ببساطة من حيث المبدأ وقوامها أن يعهد لأصحاب الصوت المرتفع من المعارضين والمناكفين بتحمل المسؤولية وهو ما حصل.
بالمقابل حرم النسور لأسباب غير مفهومة بعد طوال الأسابيع الثمانية الماضية من إجراء تعديل وزاري مهم تحتاجه حكومته وقد اكد الرجل مباشرة لـrsquo;القدس العربيrsquo; بأن فريقه غير مكتمل وثمة إجتهادات لم تكن موفقة في دمج الوزارات ولابد من إجراء تعديل وزاري.
في الكواليس أبلغ النسور شخصيات سياسية أنه طلب من مؤسسة القصر الملكي مرتين الإذن بإجراء تعديل وزاري فكان يطلب منه إرجاء الأمر قليلا في إشارة فهم منها كبار الساسة بأن دائرة الإحتمالات متعددة ما دام النسور لم يحظ بورقة التعديل الوزاري خصوصا وان بعض أركان وزارته يطمح عمليا بخلافته.
عمليا يرى المراقبون أن الدكتور النسور ينجح في الميل للصمت أو للتحدث عند الحاجة ولا يكثر من المبادرات ولا المناورات وإن كان لا يجد مستوى التعاون المطلوب من مسؤولين وموظفين كبار سواء في البرلمان أو في مؤسسة الديوان الملكي خلافا للتعاون المنتج مع المؤسسات الأمنية.
وليس سرا أن الملف الإقتصادي أدير بنسبة نجاح مرتفعة من قبل حكومة النسور وأصبح سببا في تشكيلها للمرة الثانية وقد يكون السبب في تعديلها الأول، الأمر الذي يؤشر على أن الحاجة لا زالت ملحة للنسور لتمرير ما تبقى من وصفات إصلاحية إقتصادية خصوصا في مجال التخلي التدريجي عن دعم الخزينة للسلع والخدمات.
الجديد في المشهد أن بعض أعضاء البرلمان يميلون إلى الإشارة لتفويض النسور بإجراء التعديل الوزاري الأول على فريقه.
وهو تعديل قال النسور بوضوح لـrsquo;القدس العربيrsquo; انه محطة ضرورية وسيتشاور مع مجلس النواب بخصوصها فيما نصحه أركان بارزون في البرلمان بينهم رئيسه سعد هايل السرور ونائب الرئيس خليل عطية بأن لا يفعل.
لكن الوقوف على عتبة مرحلة التعديل الوزاري يحصل بالتوازي مع إعلان النسور بأن حكومته لديها مبادرة على شكل تصور خاص بملف قانون الإنتخاب مما يوحي بأن حكومة النسور تحاول الإقتراب من الملف السياسي الداخلي بعدما أنجزت أو شارفت على إنجاز المطلوب منها إقتصاديا.
بالنسبة للركن البرلماني خليل عطية لا يتوقع تغييرات أو تعديلات كبيرة قبل منتصف شهر آب المقبل حيث الموعد الذي أعلنت فيه الحكومة أنها سترفع أسعار الكهرباء على الإستهلاك التجاري والصناعي.
لكن رفع أسعار الكهرباء لا يلغي التعديل الوزاري وإن كانت ورقة التعديل ستجدد شباب الحكومة وتمكن النسور من إدخال لاعبين جدد للساحة يساعدون تحديدا في المجال السياسي والبرلماني.
بعيدا عن الأسعار والتفكير بملف قانون الإنتخاب أمام النسور مهمة أخرى في غاية الصعوبة خلال الأسابيع المقبلة وتتمثل في برنامج تقليص حضور الأخوان المسلمين في الحياة العامة والإجتماعية بالتوازي مع الترتيبات الأقليمية التي تستهدفهم في مصر وتونس وغيرهما.
وقد وجه الأمين العام لجبهة العمل الإسلامي الشيخ حمزة منصور مبكرا رسالة شديدة اللهجة لحكومة النسور يحذر فيها من أن المساس بالإسلاميين ومؤسساتهم هو بمثابة مساس بالمصالح الوطنية العليا.
ولا يوجد في الوقت نفسه هوية واضحة الملامح للتعديل الوزاري الذي يسعى إليه النسور خصوصا بعد تعزيز عدد الحقائب التي يفهم المراقبون بأن أصحابها جالسون في مقاعدهم بكل الأحوال على أساس انهم عابرون للحكومة ولرئيسها مثل وزراء الخارجية والداخلية والأوقاف.
لكن مقربين من النسور يشيرون إلى رغبته في الإستعانة بشخصية إسلامية مستقلة ومخضرمة يفكر بإدخالها للحكومة مع العمل على إختيار وزير متخصص بشؤون البرلمان من البرلمانيين السابقين والرغبة في تغيير الوجوه في وزارات محددة من بينها التربية والتعليم والصحة والثقافة.