ايليا ج. مغناير: من الواضح ان الوضع في سورية لم يسجل تقدماً ملحوظاً في الحرب على «داعش» في شكل عام، الا ان هناك حديثاً متزايداً عن احتمال عقد مفاوضات بين النظام السوري والمعارضة، وكذلك هناك بعض ملامح التغيير في ما يتعلق بدول المنطقة ومواقفها من الرئيس بشار الاسد.

&
وتحمل السنة الجديدة اول اجتماع تمهيدي حواري بين المعارضة السورية في الداخل والخارج (ما عدا القوى المسلحة التي ترفض اي عملية ديموقراطية) وهو سيعقد في 27 يناير في موسكو حيث يتجه الوفد السوري برئاسه وزير الخارجية وليد المعلم وعضوية بثينة شعبان وفيصل المقداد وبشار الجعفري للقاء نحو 40 شخصية من المعارضة على رأسهم هيثم مناع، وحسن عبد العظيم، وهادي البحرة، وصالح مسلم، ومعاذ الخطيب، وسمير العيطة، وسليم خير بك، ومازن مغربية وغيرهم وبحضور موفد الامم المتحدة الى سورية ستيفان دي ميستورا.
&
وكان نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف جال على المسؤولين السوريين للتحضير لهذا اللقاء بعد ان استمع من الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله على موافقته على «ضرورة لقاء المعارضة السورية التي لديها مطالب تستحق الاستماع اليها ومبادلتها مع النظام ضمن حوار بعيد عن الارهاب وعن اولئك الذين يريدون نظاماً ذات لون واحد وبقوة السلاح مع إلغاء الاخرين من الديانات والمكونات الاخرى».
&
واللافت في الامر ان المعارضة السورية لم تسمع من السعودية اي اعتراض على اللقاء مع النظام في موسكو والذي سيمهد للقاءات اخرى دون ان يحرز اي اختراق ذي اهمية، الا انه سيسجل بداية ارتكاز لمؤتمرات اخرى ستعقد في السنة الحالية، خصوصاً ان الوضع العسكري اصبح اكثر وضوحاً على الارض.
&
فبعد عدة معارك لـ«جبهة النصرة» مع بعض حلفائها السابقين (جمال معروف في ريف ادلب «جبهة ثوار سورية» ولواء شهداء اليرموك في درعا، و«احرار الشام» في سلقين بريف ادلب) اثبتت انها القوة الاكثر تنظيماً وبطشاً وتسليحاً بين صفوف المعارضة، يقابلها تنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش) الذي يحاول التقدم على جبهات ولكن دون اي نتيجة، فقد حولت طائرات التحالف الدولي مدينة كوباني الى مقبرة لـ«داعش» حيث تدمر يومياً الابنية تلو الاخرى دون ان تدع مجالاً له للتقدم بعد ان كان احتل اكثر من 70 في المئة من المدينة الكردية، وكذلك تقصفه يومياً في جرابلس والرقة.
&
الا ان هذا الواقع لا يمنع التنظيم من محاولة احتلال مدينة دير الزور ومطارها العسكري لاعتقاده ان قوات التحالف لن تساعد قوات النظام كما تفعل في العراق، وهو امر غير واضح تماماً، اذ يسجل الطيران السوري 120 الى 150 غارة يومياً نصفها في مجال عمل قوات التحالف الدولي الذي يغيّر على الرقة يومياً وعلى البوكمال مانعاً عبور حشود عسكرية تتجه لدعم «داعش» في دير الزور او في مناطق اخرى، مما يتطلب نوعاً من التنسيق العسكري ولو المحدود.
&
وفي المحصلة فإن الاسد ما زال يسيطر على اقل من نصف البلاد و«داعش» يسيطر على اكثر من الثلث ليتوزع الجزء المتبقي بين اطراف المعارضة المسلحة الاخرى المتعددة.
&
ومن غير المتوقع ان يغير 2015 الكثير على الارض ما عدا بعض الوقائع على الحدود اللبنانية - السورية من جهة القلمون، وبعض المكتسبات حول دمشق في الغوطة او لجهة محاصرة حلب لتبقى المدينة، لذلك فان تغييرات اساسية سياسية تستطيع ان تحدث خرقاً اسرع من التغيرات العسكرية، حيث من المقدر لسورية ان تشهد سنوات طويلة من النزاع العسكري لا تحمل الكثير من الامل لملايين المهجرين السوريين خارج البلاد، وكأنهم ينضمون الى اللاجئين الفلسطينيين في صراعهم من اجل البقاء.