مأمون فندي
&
بمناسبة زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى دولة الكويت الشقيقة، أدعو إلى خيال استراتيجي جديد للعالم العربي أساسه تحالف مصري خليجي، أو بمعنى أدعو المصريين أولاً إلى إعادة النظر في علاقاتنا مع أشقائنا في الخليج وأدعو أيضاً أهلنا في الخليج إلى إعادة التفكير في مصر بواقعية عاقلة تخدم متطلبات الأمن والاستقرار لدى طرفي معادلة الاستقرار في الوطن العربي المتمثلة في علاقة إستراتيجية خاصة بين مصر ودول الخليج العربي.
&
علينا أن نبحث عن خيال استراتيجي جديد وخلاق يهدأ مخاوفنا التي بدأت بمكالمة بين الرئيس الأميركي باراك أوباما وبين الرئيس الإيراني حسن روحاني وما تلاها من حوار استراتيجي أميركي إيراني مما يجعلنا نفكر كثيراً في طبيعة التحديات الإستراتيجية التي تواجه الفضاء الجيوسياسي العربي من قبل دول الجوار غير العربي المتمثلة في إسرائيل وإيران وتركيا من ناحية، وطموحات الدول العظمى من ناحية أخرى.
&
برغم أن من خرجوا في مصر كان هدفهم إحداث تغيير محلي مرتبط بسحب الثقة من الرئيس المعزول محمد مرسي إلا أن تبعات ما قاموا به كانت إقليمية وربما عالمية أربكت الخطط الإقليمية والعالمية في المنطقة. وخلقت سيولة جديدة تعيد تشكيل المشهد الجيوسياسي في الإقليم برمته.
&
ولا يخفى على أحد من كلمة أوباما أيضاً أن هؤلاء الضعفاء قد انتصروا واعترف أوباما بشرعية النظام الجديد في مصر. وها هم أهل الكويت يحتفلون بالرئيس السيسي كرمز لشرعية النظام الجديد، وأتمنى أن يستمر الرئيس في جولته الخليجية ليطمئن على صحة خادم الحرمين الشريفين، شفاه الله، وليشكر أهلنا في الإمارات لوقفتهم الثابتة التي لا تتزحزح، ويعرج على البحرين لتعرف إيران أن مصر والبحرين يد واحدة، وكذلك على عمان.
&
لقد وصفت هذا التحالف الاستراتيجي بين الإمارات والسعودية ومصر بأنه مثلث استراتيجي جديد وكتبت يومها مقالاً بعنوان «مثلث استراتيجي جديد في الشرق الوسط» ( الشرق الأوسط في 19 أغسطس 2013). واليوم نحن نتحدث عن مربع وليس مثلثاً بوجود الكويت في قلب هذا التحالف. وكان الإخوان حطموا مصر على من فيها وخلفوا فوضى إقليمية لا يحمد عقباها.
&
من هنا علينا كمصريين أن ندرك معنى ما حدث وأن نعمق ونوسع الشراكة الإستراتيجية مع المنظومة الخليجية وأن يكون لنا دور في أمن الخليج العربي ضد كل التحديات الإقليمية. أدعو إلى خيال استراتيجي يجمع بين مصر ودول الخليج بطريقة عاقلة راشدة خالية من وهج العواطف.
&
بداية، إن فهم الدور المصري في المرحلة المقبلة المليئة بالمخاطر والفرص ودور مصر «كدولة خليجية»، يعتمد على معطيات بعضها جديد والآخر قديم، أول هذه المعطيات هو التوافق المصري السعودي الإماراتي الذي نراه اليوم، وهو أمر حدث في جزء كبير منه في فترة الرئيس الأسبق مبارك، حتى لا نبخس الناس أشياءهم..
&
وربما كانت تلك من الحسنات المعدودة للنظام السابق وتعاظم هذا التوافق بشكل كبير بعد 30 يونيو ومن بعدها 3 يوليو التي أسقطت حكم الإخوان في مصر إلى الأبد. الثاني هو تمدد النفوذ الإيراني المستمر الذي لم يعد مقتصراً على دول الخليج وبلاد الشام بل امتد إلى ما يمكن تسميته بالدول ذات الهوى الشيعي الثقافي أو الحضاري. إضافة إلى التقارب الأميركي الإيراني الجديد القديم.
&
أما المعطى الثالث الذي يجعل من مصر دولة خليجية فهو حجم العمالة المصرية في دول الخليج، والذي يصل اليوم إلى أكثر من مليون مواطن مصري يعملون في المملكة العربية السعودية وحدها، وإلى ما يقرب من ربع مليون مصري يعملون في دولة الكويت، وحوالي مئة ألف مصري يعملون في دولة الإمارات العربية المتحدة. وبهذا قد يصل عدد المصريين العاملين في الخليج إلى أكثر من مليوني نسمة، وإذا أضفت إليهم أسرهم التي تلتحق بهم ستجد أنك أمام حالة يكون فيها ثلاثة ملايين نسمة من المصريين يعيشون في الخليج.
&
حالة الوهن الاستراتيجي العربي والتحديات القادمة من دول الجوار غير العربية المتمثلة في إسرائيل وتركيا وإيران ومعها الدول الكبرى الطامعة تفرض علينا خيالاً استراتيجياً جديداً أتمنى أن نبدأ حواراً جاداً حوله في مصر وفي دول الخليج.