سمير عطا الله

التقى الرئيس الروسي والأمير محمد بن سلمان للمرة الثانية في فترة قصيرة. والتقى لافروف ووزير الخارجية السعودية عادل الجبير غير مرة في الفترة نفسها. كما التقى ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد أكثر من مرة. البيانات الرسمية والتصريحات عن اللقاء الروسي السعودي لم تُشر إلى خلاف جذري بين الطرفين.


الجانب السعودي أكد موقفه من الرئيس السوري، والجانب الروسي لم يشر إليه. عملية دبلوماسية متناغمة دون أن تكون متساوية. موسكو في موقع والرياض في موقع، لكن الجوهري في الأمر هو استمرار الحوار. الرياض تريد أن تقول إنها فتحت أبواب موسكو ليس من أجل أن تغلقها في لحظة قلق أو غضب، والعلاقة التي أقيمت مع بوتين شخصيًا قد لا تُثمر كل شيء اليوم، لكن طريق المستقبل مفتوح.


في الدبلوماسية السعودية الجديدة، لا يقوم التوازن على خط دولي واحد. صحيح أن موسكو دخلت حلفًا مع إيران والأسد والعبادي، لكن موقف واشنطن كان هو المفاجأة في الاتجاه نحو طهران بحجة الاتفاق النووي. ومعظم ما أبلغه أوباما إلى زعماء الخليج لم يخرج عن أدبياته العادية في التعامل مع المفترقات التاريخية، وكأن دور رئيس أميركا هو الإدلاء بتحاليل سياسية، أغلبها خاطئ في أي حال.


إقامة علاقات مستقرة مع روسيا لا تقوم في أيام أو أشهر، خصوصًا بعد غياب تام لعدة عقود. لكن الواضح أن ثمة قرارًا مشتركًا في المسألة. وأولى دلالاته أن بوتين تولى بنفسه مرتين رئاسة الجانب الروسي في المحادثات مع ولي ولي العهد السعودي ووزير الخارجية، الذي عاد فعقد لقاءً خاصًا مع سيرغي لافروف.


واضح أن كل شيء يتجاوز التشريفات والمودات الرسمية. لا أحد يملك الوقت لها. لا روسيا التي أقحمت نفسها في صراعات الشرق الأوسط بالوسائل العسكرية الاستعراضية، ولا الدول العربية التي تزداد مخاوفها على وحدة سوريا ومصائر شعبها. الوحيد الذي يتصرف وكأنه يملك كل وقت الدنيا هو فخامة السيد أوباما في أشهره البيضاوية الأخيرة.


يعزز راحته النفسية أنه على المقلب الآخر من جميع المحيطات. أما هنا، فكيفما تلفَّتّ إلى المنطقة العربية ترَ حريقًا كبيرًا. الأمير محمد بن سلمان أبلغ بوتين على الأرجح أنه إذا كان النظام السوري يريد منه دور المنقذ، فإن العرب يريدون منه دور الإطفائي. ما عدا ذلك، شطط.
&