علي إبراهيم

هل يمكن أن نتصور سيناريو تنتصر فيه «داعش» وتصبح حقيقة أول دولة إرهابية تنشر الرعب والخراب في المنطقة والعالم؟ هذه الخاطرة تمر بعد أحداث سقوط طائرة السياح الروسية في سيناء وما رافقها من تطورات دبلوماسية، والاشتباك الذي حدث بين الأطراف المعنية.


من دون الدخول في تفاصيل ما إذا كانت هناك قنبلة وضعت على متن الطائرة وأدت إلى مقتل هذا العدد من السياح العائدين إلى بلدهم بعد تمضية إجازتهم، فإن محصلة ما حدث منذ سقوط الطائرة والإعلان في بريطانيا والولايات المتحدة عن معلومات استخباراتية بأن قنبلة وضعت مع الأمتعة، المحصلة تصب لمصلحة هذه الجماعة الإرهابية.


كيف؟ أولا وجهت الجماعة، التي مقرها الرقة في سوريا، رسالة إلى روسيا التي يشن طيرانها غارات في سوريا، بينما ضربت السياحة في مصر التي توفر عملة صعبة للبلاد في فترة صعبة، وكذلك صعدت حالة القلق العالمية على أمن الرحلات الجوية، وحتى لو كانت «داعش» تكذب في ادعاءاتها، فإن الأهداف تحققت على أي حال.


المعالجة كانت سيئة من جميع الأطراف بعد الحادث، فالأطراف المعنية تبادلت الاتهامات بالتقصير لتبدأ بريطانيا في سحب سياحها في شرم الشيخ، وهو يبدو قرارا غير محسوب بدقة لأن استعادة 20 ألف سائح في 24 ساعة غير ممكنة، وتبعهم الروس الذين لديهم أضعاف هذا الرقم، لكنهم كانوا أكثر تحفظًا في تحديد وقت معين لعودة السياح.


أوقفت دول أوروبية أخرى رحلات أو أصدرت تحذيرات لرعاياها. وبحسبة بسيطة فإن الازدهار النسبي الذي كانت شرم الشيخ بدأت تشهده، قضي عليه لفترة قد تتجاوز الموسم الحالي، وبدت القرارات المتخذة بوقف الطيران والرحلات أشبه بحصار يتعين التفكير فيه مليًا في إطار الموقف السياسي، خصوصا أن هناك تصريحات بأن هذه الإجراءات ستستمر طويلاً.


إذا كان إسقاط الطائرة الروسية له هدف، هو وقف التدخل العسكري الروسي في سوريا، فإن هذا يبدو هدفًا بعيد المنال؛ لأن التدخل الروسي له أهدافه الجيوسياسية، وكما أن روسيا لم تغير سياستها في الشيشان رغم الهجمات الانتحارية قبل سنوات فلا يعتقد أنها ستفعل ذلك الآن قبل تأمين مصالحها.


بالطبع فإن أكبر خسارة هي لعائلات الضحايا الروس الذين فقدوا ذويهم بلا أي ذنب، لكن سياسيًا واقتصاديًا الخسارة الأكبر هي لمصر التي تلقت ضربة موجعة للنشاط السياحي المهم للاقتصاد، لكنها لم تعالج الأزمة بروية بعيدًا عن السياسة الدفاعية كلما نشبت أزمة.


الآن ينبغي معالجة التداعيات وتنسيق النشاط الدولي ضد «داعش»، فأحد الأشياء غير المفهومة هو عشرات الغارات التي تعلنها روسيا والتحالف الغربي يوميًا، ومع ذلك لا نرى تقدمًا على الأرض. ويتمدد تنظيم داعش الذي نجح في توحيد الإرهاب في جبهة واحدة تنشط في عدة بلدان عربية.


لا يمكن أن تنتصر «داعش» لأنها ضد المنطق والإنسانية، ومن الصعب أن يقبلها أي مجتمع سوي. لكن المجتمع الدولي يحتاج أن يكون أكثر جدية وتنسيقًا مع دول المنطقة لدحر هذه الظاهرة الكئيبة، فذلك أفضل من التناحر والسعي لتحقيق مكاسب سياسية آنية.
&