&تأخرتم كثيراً قبل هجمات باريس .. والثمن سيزداد لا يقل
&
فاتح عبدالسلام
هجمات باريس أقل درجة من هجمات الحادي عشر من سبتمبر بنيوريورك في التأثير العالمي ، ذلك انها جاءت وسط حروب مندلعة وفي اعتاب حروب منتهية وأخرى متوالدة. في حين وقعت هجمات نيويورك لتطون مفتاح الحروب التي اشتعلت في اسقاط طالبان في افغانستان ونظام صدام حسين في العراق.
لكن هجمات باريس أعلى درجة في القوة كونها تنطلق من بيئة صراع خصبة للتطرف، عميقة الأدغال والأشواك، زرعت فيها التنظيمات بذوراً منذ سنوات طويلة والآن تحصد ثمارها الدموية ولا تزال . وهنا يأتي ترجيح مدير المخابرات الأمريكية في أن تنظيم داعش لديه المزيد من الهجمات بعد باريس ويردف رئيس الحكومة الفرنسية بالقول ان الهجمات المقبلة حسب المعلومات المتوافرة ستصيب فرنسا وأوربا كلها . وقوة هجمات باريس تأتي من غموض أجواء الخوف في العالم من عدو يبدو أن جميع اجهزة الاستخبارات لم تجد تقدير قواته وتعرف كيف تضربها .
العنصر الذي يعتمد عليه التنظيم في ارهاب العالم هو ضعف وبطأ القرار الأمريكي والأوربي في توقيته وحركته لمواجهة التطرف . وما حصل هو تجمع التنظيم من اطراف العالم كقطرات المطر واحدة تلو الأخرى في أرض منخفضة هي سوريا من دون أم يحرك العالم ساكناً ، ولولا وقوع التنظيم بأحد اكبر أغلاطه القاتلة في التوسع من مقره في الموصل باتجاه كردستان لما تم استدعاء التحالف الدولي ومباشرة الهجمات القوية ضد التنظيم ، وفي رأيي هذا انجاز يحسب لقوة اقليم كردستان في المحافل الدولية.
المسألة ليست تنظيمية عسكرية، قضية خطر مباشر نحو العالم . هذا تقدير خاطيء سقطت فيه معظم اجهزة المخابرات الدولية . أي أن اوروبا وامريكا لا يتحرك منهم احد إلا اذا كان الخطر مباشراً. أما أن تكون هناك تعبئة وغسل دماغ يومي في الموصل والرقة في أماكن مستقرة ومريحة للتنظيم فذلك لا ينتبه اليه أحد مع تراكم الايام إلا بقدر الخطر المباشر في أوربا.
مضحك أن نهتم بتفكيك خلية لداعش من خمسة في الأردن أو تونس أو المغرب ،وهناك دولة كاملة لداعش تتصرف بمرتكزات دولة في الحرب والاقتصاد والتعبئة وليس هناك ما يعيقها عملياً في اخضاع ملايين البشر لسلطتها.
هل تقلقون من تجنيد خمسة ولا تقلقون من تجنيد مدن كبيرة؟
يوم بعد أخر هناك ملاذات آمنة أكثر للتنظيم برغم الحملات الجوية ،والتي أكرر القول ،أنها جاءت متأخرة وخرجت بولادة قيصرية من رحم التردد الأمريكي المثير للإستغراب.
كل يوم نكتشف خطأ في تعامل العالم مع الارهاب وكل يوم يخسر العالم موقعاً هجومياً ضد الارهاب لصالح موقع دفاعي، إن لم أقل موقعاً انهزامياً إزاءه.
&
التعليقات