علي إبراهيم&

ليس هناك دليل على حالة الفوضى السائدة في الساحة السورية أكثر من اتهام الأميركيين للروس بأن طائراتهم هي التي قصفت معسكرًا لجيش النظام السوري المفترض أن موسكو أرسلت قواتها لدعمه في مواجهة ما تقول إنها ميليشيات إرهابية.


في سوريا والعراق أخذ الصراع الدولي الإقليمي مداه مع كثرة الأطراف الخارجية التي تتدخل ولها مصالح تحاول تحقيقها على حساب دولتين في لحظة ضعف وتفكك، وقد كان رد فعل الحكومة العراقية غريبًا في قوة الاحتجاج على إرسال أنقرة مئات الجنود المدعومين بدبابات قرب الموصل، التي كانت نقطة الانطلاق بالنسبة لـ«داعش»، في حين أن الموقف يحتاج إلى مساعدة خارجية بعدما انهارت القوات الحكومية العراقية في مواجهتها.


منذ شهور ومع بدء الحملات الجوية، وهناك حديث عن ضرورة وجود قوات على الأرض لطرد «داعش» والمحافظة على الأرض، حتى يستطيع السكان الذين نزحوا العودة إلى مدنهم وقراهم، ولم تبدأ الأطراف الدولية الفاعلة في طرح مسار القوات الدولية إلا أخيرا، وبدأ بإعلان واشنطن أنها سترسل عشرات من القوات الخاصة لمساعدة قوات المعارضة السورية في دور استشاري أكثر منه قتاليًا.


وعلى طريقة المثل القائل: «اشتدي أزمة تنفرجي»، جاء التدخل الروسي المفاجئ وبثقل غير متوقع ليرفع درجة سخونة الأزمة، وتسارعت وتيرة البحث عن حلول بما فيها السماح بفترة انتقالية يكون الأسد موجودًا فيها، وذلك بمثابة ترك باب موارب للنظام وقواته لتسهيل الانتقال إلى نظام جديد وبقيادة مختلفة.


ومع انعقاد مؤتمر الرياض اليوم للمعارضة السورية قبل أن تذهب إلى مؤتمر واشنطن، تدخل الأزمة السورية منعطفًا جديدًا قد يقود إلى حل سياسي أو إلى فوضى عارمة لا يعرف أحد مداها، وموجات النزوح بعشرات الآلاف عبر البحر بحثًا عن ملاذ آمن مؤشر على ذلك، وسيقود إلى مشكلات واضطرابات داخل الاتحاد الأوروبي.


قوات على الأرض هي الضمان للتقدم نحو حل سياسي، وطبعًا يفضل أن تكون قوات عربية مع المعارضة السورية المسلحة، وهناك تجارب سابقة لذلك مثل قوات الردع العربية التي تحولت إلى سورية مع مرور الزمن، أو حرب تحرير الكويت، وحاليًا في اليمن.


هو حل مثالي، لكن أمامه صعوبات شديدة، خصوصا إيجاد الأطراف العربية التي يمكنها إرسال قوات، وهي في الحالة السورية تحتاج إلى أن تكون بالآلاف حتى تحدث ميزانًا جديدًا للقوى على الأرض السورية وتستطيع أن تفرض مناطق آمنة. وهذه الأطراف يجب أن تكون قادرة على التنسيق مع الأميركيين والبريطانيين والفرنسيين والروس في آن واحد، إضافة إلى الأمم المتحدة لترسيخ الشرعية الدولية، وبحيث لا تجد هذه القوات نفسها تحت القصف بالخطأ من طائرات التحالف الدولي، وهو ما قد يكون له رد فعل عكسي، خصوصا أن المنطقة أرض خصبة لإطلاق نظريات المؤامرة ثم تصديقها.


مع ذلك، فإنه لا شيء مستحيل، فلا أحد في العالم العربي يريد استمرار هذه الصور الكئيبة القادمة من سوريا. وستختصر نصف المسافة لو كانت هناك خطة واضحة سياسية واقتصادية لسوريا ما بعد الأسد، بما في ذلك تعهدات مالية واضحة بإعادة الإعمار، واستيعاب الجميع ما دامت أيديهم لم تتلطخ بالدماء. وتحتاج المعارضة السورية لأن تساعد في ذلك، وتدرك أن هناك الكثير من السمسرة على حساب الأزمة ويجب النظر إلى الأمام في إطار حل سياسي يضمن خروج كل الميليشيات سواء من لبنان أو العراق، وإعداد خطة لإعادة تأهيل المقاتلين القادمين من مختلف البلدان تحت وهم «داعش».
&