&نايف الرشيد

يترقب السعوديون، ببالغ الاهتمام، الخطاب الملكي الذي سيلقيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، اليوم، خلال افتتاحه أعمال السنة الرابعة من الدورة السادسة لمجلس الشورى، حيث سيتناول الملك سلمان، السياستين الداخلية والخارجية، خصوصا ما تشهده المنطقة من أحداث.

«الشرق الأوسط» التقت الشيخ الدكتور عبد الله آل الشيخ، رئيس «الشورى» السعودي، للحديث حول مضامين خطاب خادم الحرمين الشريفين، وموضوعات أخرى بشأن المجلس والملفات التي أسهم في إقرارها. وشدد رئيس مجلس الشورى على أن خطاب خادم الحرمين الشريفين يكتسب أهمية بالغة كونه الخطاب الأول للملك سلمان منذ توليه مقاليد الحكم في البلاد، إضافة إلى الظروف المحيطة بالبلاد، موضحًا في شأن آخر أن الدولة لا تفرض على مجلس الشورى قرارات معينة، بل تطلب رأيه في دراسة أي موضوع. ولم يخفِ آل الشيخ طموح «الشورى» في أن يمنح مزيدًا من الصلاحيات كي يكون شريكًا وطنيًا أكثر فعالية مما هو عليه في الوقت الراهن. وإلى تفاصيل الحوار:

* ما الذي يمثله الخطاب الملكي الذي سيلقيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في افتتاح أعمال السنة الرابعة لمجلس الشورى؟

- هذا اللقاء بخادم الحرمين الشريفين والاستماع إلى الكلمة التي سيضمنها سياسة السعودية في الداخل والخارج، يوم ننتظره في «الشورى»، بل إن المواطنين في كل مكان ينتظرونه، وتزداد هذه الأهمية كون خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز هو الأول بعد أن أصبح ملكًا للبلاد.

* تزامن خطاب خادم الحرمين مع ما تشهده المنطقة من اضطرابات.. فهل سيرسم الخطاب سياسة السعودية في التعامل معها؟

- الخطاب الملكي يتزامن مع الظروف التي تعيشها المنطقة الآن من كل النواحي، سواء كانت عسكرية أو أمنية أو سياسية، هذه العوامل أكسبت هذا الخطاب أهمية كبرى، وأظهرت اهتمام الدولة بمجلس الشورى، إذ إن هذا التوجه للبلاد يعلن تحت قبة «الشورى»، وهذا يدفعنا في المجلس إلى مضاعفة العمل، ويظهر للجميع اهتمام الدولة بـ«الشورى» ورجاله.

* طالما تحدثتم عن الخطاب.. فماذا يتوجب على أعضاء المجلس تقديمه بعد انتهائه؟

- آمل أن يستطيع الأعضاء تحويل هذا الخطاب الملكي إلى ترجمة واقعية فعلية، من خلال اللجان المتخصصة التي ينتمون إليها في المجلس، وأن تأخذ كل لجنة ما يخصها من هذا الخطاب، وتعرف الطريق الذي تسير عليه خلال السنة، وهذا يجعل مسيرة اللجان والأعضاء واضحة، وفي نفس الوقت يساعدهم في الوصول إلى ما ترغب فيه الدولة للنهوض بها.

* السعودية تشهد حراكًا دبلوماسيًا على الأقطار العربية والدولية والإسلامية كافة.. فما تعليقكم؟

- الفترة الماضية كانت فترة حراك، وازداد الحراك بعد تولي خادم الحرمين الشريفين مقاليد الحكم، وبحكم وجودي في الدولة منذ وقت طويل لم أشهد هذا الحراك الكبير من وصول قادة بعض الدول العربية والإسلامية والدولية، فأصبحت أوقات الحضور متسارعة، وصارت جزءًا من برامج المسؤولين لأنها أصبحت ثابتة، وأضحت السعودية كما كانت عليه - سابقًا - مكانًا يتجه إليه كل يرغب في عمل شراكات معها.

* ما قولكم في سرعة موافقة مجلس الوزراء على قرارات «الشورى» الخاصة بالملفات المهمة التي يطُلب رأيه فيها بشكل سريع؟

- «الشورى» كعمل برلماني في المفهوم العصري لا يقر إلا ما هو صحيح، والدولة لا تفرض على مجلس الشورى أمرًا ما، وأغلب ما يصدر من مجلس الشورى تصدر به قرارات من الدولة، ويدرس الموضوع في الجوانب عبر اللجان المتخصصة والكوادر المتخصصة في الجوانب القضائية والشرعية والقانونية، هذه العملية في التسارع في القرارات تمثل عونًا صائبًا للقرارات التي تصدر، بعد الاطلاع على المستندات الموجودة كافة، والقرارات تعطي إشارات بأن لدى السعودية فكرًا ورؤية مختلفة عما هو موجود من خلال تطبيق المفهوم الشوري من المنظور الشرعي.

* هل هناك اتجاه من المجلس لزيادة تواصله مع وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي لتوعية الجمهور بإنجازاته ولمواجهة بعض الانتقادات التي توجه إليه؟

- مجلس الشورى يدرك أهمية التواصل مع المواطنين، لذلك أقر - أخيرًا - الاستراتيجية الإعلامية والاتصالية الخاصة به التي تهدف إلى زيادة التواصل مع وسائل الإعلام، وفي ضوئها أنشأ المجلس حسابات له في مواقع التواصل الاجتماعي الحديثة، لنقل صورة واضحة وحقيقية عن إنجازات المجلس، فقد دشن المجلس العام الماضي حسابًا على «تويتر»، وحقق في فترة وجيزة كثيرا من الإيجابيات في عدد من الجوانب التي كانت تغيب عن ذهن الجمهور عن العمل الشوري، إضافة إلى تثقيف المجتمع بدور المجلس وقراراته في المجالين التنظيمي والتشريعي والرقابي. أيضًا من الجوانب التي حقق المجلس من خلالها كثيرا من الإيجابيات، السماح لمختلف وسائل الإعلام بحضور الجلسات، حيث أتاح حضور مندوبي الصحف، إلى جانب سهولة تواصل مسؤولي المجلس مع الإعلاميين لنقل المعلومة، وتصحيح ما قد يفهم بشكل خاطئ أثناء مداخلات الأعضاء.

* وما أبرز الإنجازات التي حققها «الشورى» خلال السنة الثالثة المنتهية من دورته السادسة؟

- نحرص في «الشورى» على جعل المجلس إحدى المؤسسات التي ترفد التنمية، وتذلل ما قد يكتنف العمل التنموي من صعوبات، من خلال وظيفتي المجلس الرئيسيتين، وهما الرقابة على أداء الأجهزة الحكومية، وسن الأنظمة التي تعين الأجهزة التنفيذية على أداء عملها، فالمجلس إحدى مراحل صنع القرارات الداعمة للتنمية في بلادنا، وقد أنجز المجلس في سنته الثالثة من الدورة السادسة دراسة ومناقشة 126 موضوعًا، وأصدر بشأنها القرارات المناسبة، ورفعها إلى مقام خادم الحرمين الشريفين بمقتضى المادة الـ17 من نظام المجلس، شملت الأنظمة واللوائح، وتقارير الأداء السنوية، والاتفاقيات والمعاهدات الدولية ومذكرات التفاهم، والمقترحات التي تقدم بها عدد من أعضاء المجلس.

وفي مجال الأنظمة أصدر المجلس خلال السنة الثالثة 31 قرارًا، منها أنظمة وردت إلى المجلس بموجب المادة الـ15 من نظام المجلس، وأخرى مقترحات لمشروعات أنظمة جديدة أو تعديل أنظمة نافذة، قدّمها عدد من أعضاء المجلس، استنادًا إلى المادة الـ23، منها على سبيل المثال لا الحصر الموافقة على نظام فرض الرسوم على الأراضي البيضاء، الذي بذل فيه المجلس جهدًا واضحًا، وأنجزه خلال مدة قصيرة وفقًا للتوجيه الكريم الذي قضى بإنجازه خلال 30 يومًا من وروده إلى المجلس. وفي هذا السياق، أكد المجلس في قرار آخر أنه على وزارة الإسكان أن تقدم خططها الزمنية، والمكانية، والعمرانية، لتوفير المنتجات السكنية للمواطنين، وكذلك مشروع نظام الإعلام المرئي والمسموع، وتعديل المادة السادسة من نظام مكافحة جرائم المعلوماتية، بإضافة عقوبة التشهير للجرائم الواردة فيها، وتعديل المادة الثانية والستين من نظام التأمينات الاجتماعية.

وكل ما سبق إنجازات وبعضها أنجز في وقت قياسي مقارنة بدورة العمل التشريعي وطبيعته، ومن أبرز سماته التروي والتمحيص وتقديم أنظمة واقتراحات تبقى لسنوات للعمل بها وتراعي الحاضر والمستقبل.

* هل هناك متابعة لقرارات المجلس؟ وماذا يحدث بخصوصها؟ وما نسبة ما تبناه مجلس الوزراء؟

- المجلس يعتز بالرعاية الملكية التي يلقاها، وخادم الحرمين الشريفين منذ أن تسلم مقاليد الحكم وهو يحيط المجلس برعايته وتوجيهاته التي دائمًا ما تؤكد أهمية سرعة الإنجاز والمبادرة في طرح ومناقشة كل ما من شأنه تحقيق تطلعات المواطنين، والعلاقة بين مجلس الشورى ومجلس الوزراء علاقة تكاملية، حيث لا يمكن فصل اختصاصات المجلس وسلطته التنظيمية عن الجهاز الحكومي التنفيذي، والقرارات التي يصدرها «الشورى» ترفع إلى مقام خادم الحرمين الشريفين بحسب المادة الـ17 من نظام المجلس. ومن واقع الإحصاءات فأغلب قرارات المجلس تصدر بعد استكمال دورتها النظامية، ولعلكم تلاحظون أنه لا تكاد تخلو جلسة من جلسات مجلس الوزراء دون الإشارة إلى قرار لمجلس الشورى، كما أن من صور التعاون بين المجلسين حضور كثير من الوزراء والمسؤولين جلسات المجلس العامة، واجتماعات اللجان المتخصصة للإجابة عن أسئلة أعضاء المجلس واستفساراتهم حول كل ما يخص أجهزتهم.

وخلاصة القول أن المجلسين يعملان لهدف واحد هو مصلحة الوطن والمواطن، وهما مكملان بعضهما لبعض وبينهما انسجام، وهذا انعكس على الأنظمة والموضوعات التي صدرت خلال العام الشوري المنقضي.

* ما تقييمكم لمشاركة العضوات في المجلس وفي اللجان البرلمانية على الصعيد الداخلي والدولي؟

- المرأة من خلال عضويتها في مجلس الشورى قدمت عملاً متميزًا، وأثرت نقاشات ودراسات المجلس بما يفوق توقعات المراقبين لتجربتها الشورية الأولى، كذلك عضوات الشورى أثبتن خلال السنوات الثلاث الماضية سعة أفقهن وبُعد النظر الذي يتمتعن به، حيث مارسن صلاحياتهن كاملة بما يدعم القرار الشوري ويزيده شمولية واحتواء لكل الجوانب، كما تميزت مشاركة المرأة في الشورى بأنها جاءت شاملة لكل القضايا والهموم الوطنية، بعيدًا عن حصر الجهود بقضايا المرأة، بل تجاوزت مشاركتها إلى المشاركة في كل القضايا المطروحة، كما أن المرأة في «الشورى» نجحت في المشاركة في جميع اللجان المتخصصة، واستفادت بتميز من المادة 23 من نظام المجلس التي تتيح لكل عضو اقتراح مشروع نظام جديد، أو اقتراح تعديل نظام نافذ، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن القيادة وضعت ثقتها في المرأة السعودية، ومنحتها نسبة تمثيل تفوق كثيرا من المجالس العالمية، فكانت المرأة السعودية عند الثقة ومثلت مجتمعها تحت قبة «الشورى» خير تمثيل.

* هل أنتم راضون عن صلاحيات وأداء المجلس؟

- الواقع أن تطبيق الشورى في نظام الحكم في السعودية يأتي تفعيلاً لمبدأ إسلامي سياسي، أتت به نصوص القرآن الكريم، وأكدت عليه السنّة النبوية المطهرة، وهو من ركائز الحكم الإسلامي، وله أهمية بالغة في ترشيد القرارات بمختلف أهدافها.

ومن خلال تشرفي بالعمل مع خادم الحرمين الشريفين منذ أن كان أميرًا لمنطقة الرياض، اعتاد ألا ينتظر الملفات لتصل إليه، بل يبادر إلى حلها، وأن يتابع شخصيًا الملفات العالقة حتى تنتهي إلى الحل، فهو رجل المبادرة والحزم، ولن يتوانى في ذلك متى رأى أن هناك حاجة إلى التطوير بما يتناسب مع رؤيته لمستقبل بلادنا.

وعلى صعيد الممارسة والصلاحيات فإن المجلس يطمح إلى مزيد من الصلاحيات ليتشرف بمزيد من المشاركة في صنع وترشيد القرار الوطني.

والمجلس في واقعه يبذل قصارى جهده في توظيف أدواته ليمارس دوره الرقابي والتنظيمي، لكن المستقبل الذي تخطه القيادة وتعمل على تعميمه يتطلب مزيدا من المشاركة الشورية في دعم التوجهات والخطط الجديدة لبناء مجتمع منتج ومشارك بفعالية في مسيرة التنمية، وأؤكد أن التحول المزمع تدشينه يتطلب مشاركة شورية أكثر فاعلية، وهو ما نطمح إليه، ونثق أن هذا المطلب هو محل عناية واهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز.

&