&&جويس كرم

&

&

&

&

&


&

&

اعتبر مستشار الأمن القومي الأميركي السابق ستيفن هادلي الذي عاصر صناعة سياسة بلاده منذ العام ١٩٨٩، أن الفوضى الشرق أوسطية تستدعي نمطين متوازيين هما «داعش التي يريد إنشاء خلافة وإزالة الحدود التقليدية» و «إيران التي تحاول استغلال الفوضى بتوسيع تأثيرها» من العراق إلى اليمن.

وقال هادلي لـ»الحياة» إن إعادة التموضع الأميركية مع طهران غير واقعية، لأن «هذه ليست إيران الشاه». وتحدّث عن ضرورة تسريع عملية تسليح القبائل في الأنبار وإقامة غطاء جوي في شمال سورية.

وتطرّق هادلي إلى التحديات الإقليمية على هامش إطلاقه فريق عمل للشرق الأوسط في معهد «أتلانتيك كاونسل»، وقال إنه «في مرحلة ما بعد اعتداءات ١١ أيلول (سبتمبر) ٢٠٠١ وبعد الربيع العربي، تحوّلت الطموحات إلى خيبات أمل وأضحت فوضى»، مشيراً إلى أن «حلفاء أميركا التقليديين في المنطقة مضطرون لمواجهة تهديد مزدوج الأبعاد، وفي الوقت عينه هم قلقون «.من غياب الولايات المتحدة

هادلي الذي رافق الرئيسين جورج بوش (الأب والابن) منذ العام ١٩٨٩، وأشرف على سياسات إنهاء الحرب الباردة وخوض حرب العراق، يقول إن «مأزق السياسة الأميركية هو عدم الرد بالإلحاح والتركيز والجدية المطلوبة على تهديد داعش»، لافتاً إلى أن الرئيس باراك أوباما «محق في القول أن السلام والاستقرار سيستلزمان مدة طويلة حتى يسودا في الشرق الأوسط، إنما تهديد داعش ملح، نظراً لجذبه ما بين ٢٠ و ٢٤ ألف مقاتل إلى سورية وإنجازه ما لم ينجزه تنظيم القاعدة باحتلاله نحو ٣٠- ٤٠ في المئة من العراق وسورية»، محذّراً «من أن داعش ليس عملاقاً، إنما طول فترة سيطرته على مناطق واتساعها سيزيدان من شرعيته وقدرته التطويعية».

ورأى هادلي أن «ليس هناك بديل جدي لداعش بعد»، وعندما «نمنح الأماكن المهددة أو تحت السيطرة بديلاً جدياً، سيقاوم سكانها التنظيم»، مذكّراً بتجربة إدارة بوش مع استراتيجية الصحوة. وقال: «قبائل الأنبار، كما شهدنا في ٢٠٠٧ و٢٠٠٨، مستعدون للانتفاض ضد داعش، إنما تريد التأكد من الانتصار، والسبيل إلى ذلك التزام أميركا بهذا الهدف ومنحها السلاح المطلوب». كما دعا إلى «تكثيف الحملة الجوية ومشاركة قوات أميركية خاصة مع الوحدات العراقية والميليشيات السنية، ما يتطلّب التزاماً أكبر من الجميع».

وعن تلكؤ بغداد ومماطلتها في تشكيل قوة الحرس الوطني، تساءل هادلي: «هل سيغيّر سقوط الرمادي الحسابات في بغداد، وهل يحوّل مشروع الحرس الوطني إلى البرلمان ليصبح قانوناً؟ وهل تهديد الولايات المتحدة بإعطاء أسلحة للسُنة كافٍ ليدفع بغداد إلى التعاون؟»، معتبراً «أن سقوط الرمادي صفارة إنذار للحكومتين العراقية والأميركية»، وأن احتمال تسليح واشنطن أو بلدان الخليج القبائل مباشرة «وارد».

وفي الملف السوري، رأى هادلي أنه «لا يمكن أن نضمن استقرار العراق من دون التعامل مع داعش في سورية»، علماً أن صعود التنظيم استفاد من «الحرب في سورية التي لم نتعامل نحن ولا المنطقة معها بالسرعة المطلوبة، والنتيجة كانت متوقعة. كما ساهمت في هذا المنحى حكومة نوري المالكي في العراق التي أخذت منحى مذهبياً وبات الفساد الأمني مستشرياً، وتساءل: «لو كانت واشنطن حاضرة ديبلوماسياً وعسكرياً أكثر في العراق بعد عام 2009، أو لو كنّا فاعلين في سورية، فهل كنا قادرين على ردع ذلك؟».

ونصح هادلي بإنشاء «غطاء جوي في سورية وخلق التحالف منطقة محمية في الشمال تحصّن المعارضة من قوات (الرئيس بشار) الأسد وتفسح مجالاً لتدريبها في شكل أسرع إلى جانب إمكان استيعاب اللاجئين».

وعن تردد أوباما، تمنّى هادلي «أن يُذهل تقدم داعش الإدارة الأميركية ويدفعها إلى التحرك ودرس هذه الخيارات». واعتبر أن المخاوف في البيت الأبيض من استهداف إيران قوات أميركية في العراق رداً على أي تحرّك لواشنطن في سورية «مسألة مقلقة، إنما يمكن أن نوضح للإيرانيين أن هناك ثمناً لتخريبهم في حال ضُربت مصالحنا في العراق». وأضاف: «واجهنا هذا الواقع في ٢٠٠٧ و٢٠٠٨، وأبلغناهم يومها أنه سيكون هناك ردّ مباشر وسنحاسبهم إذا هاجموا قواتنا، وتم ردعهم».

ورأى هادلي أن رهان إيران على الرئيس الأسد «مكلف وخاطئ»، و «إذا استطعنا الإثبات أنه يمكن إيجاد حلّ بمعزل عنه، والإعداد لمرحلة انتقالية مع عناصر من النظام والمعارضة وإسلاميين عبر حكومة وحدة تساعد في تخفيف العنف ومحاربة الإرهاب، يكون من مصلحة طهران المشاركة، وإلا فسيهمشون ويخسرون ما تبقّى».

وفي شأن المفاوضات النووية، تمنّى هادلي أن يكون الاتفاق المرجّح في نهاية الشهر الجاري «واضحاً جداً حول حق المجتمع الدولي في تفتيش المواقع الإيرانية كلها (من ضمنها العسكرية)، والتعاطي الواضح مع أسئلة وكالة الطاقة الذرية، وأن ترفع العقوبات تدريجاً طبقاً للالتزام». لكنه أبدى قلقه من هذه الخطوة،

لا سيما ترافقها مع الإفراج عن نحو 150 بليون دولار مجمّدة لطهران، لذا «يعتقد كثر أنه يجب أن نزيد من تحرّكنا لمواجهة إيران في سورية والعراق واليمن ولبنان بما في ذلك تغيير السياسة الأميركية في سورية، وأن نكون أكثر بطشاً ضد داعش في العراق وألا نخضع لهيمنة طهران».

وجزم هادلي بعدم وجود «إعادة تموضع مع إيران، لأن أنشطة طهران هي ضد المصالح الأميركية في المنطقة».

وفي ما يتعلّق بالانتخابات الرئاسية الأميركية في العام المقبل، ذكّر هادلي بأن «الرئيس العتيد أكان جمهورياً أو ديموقراطياً، طالما كان مدعوماً من المؤسسة الحزبية، فسيسير بالمبادئ التقليدية لدور واشنطن وتحالفاتها».
&