عبد الوهاب بدرخان
&
شركاء في الحكومة، وفي تعطيلها، وفي السعي الى اسقاطها... هذه هي الرسالة التي أطلقها "حزب الله"، وبذيله "التيار العوني"، من خلال "البلطجية" الذين حوّلوا الحراك الشبابي المدني الى مجرد شغب، واذا عاد سيعودون، وكلما استمر كلما أمعنوا في التوسيخ، فهم والغون في "النفايات السياسية" كما سمّاها الرئيس تمّام سلام، ولدى من أفلتهم في الشارع "أجندة" وفقاً للوزير نهاد المشنوق. هذا يضاعف الصعوبات أمام منظمي حملة "طلعت ريحتكم"، وبمقدار ما أن احتجاجهم مشروع بمقدار ما لديهم مصلحة في أن لا يتعرّض تحركّهم للتشويه. ولعل تجربتهم يومي السبت والأحد وانقلاب الوضع عليهم واضطرارهم للانسحاب برهنت لهم أنه لم يعد في الشارع اللبناني حيّز واضح للاحتجاج المدني والسلمي، سواء بفعل الطائفية وسمومها أو في ظل احتدام الصراع الداخلي على خلفية الصراع الاقليمي.
ما هي "الأجندة"؟ ليست جديدة، وهي تنتقل للأسف من مرحلة الى اخرى من دون معوّقات تُذكر، فهناك مَن يريد بل مَن أعلن صراحة أكثر من مرّة أنه يعمل لـ "اسقاط النظام" بالتعطيل المنهجي للدولة وليس بانقلاب جلي المعالم، بالتخريب المتعمد وليس بالقوة العارية. ليس سرّاً أن "حزب الله" و"التيار العوني" يتناوبان الأدوار في هذه "الأجندة" السوداء:
ها هي خمسة عشر شهراً مضت من دون انتخاب رئيس للجمهورية لأن هذين الفريقين يدركان أن انتخابه وفقاً للدستور الحالي يجدّد التزاماً لا يحبّذانه بـ "نظام الطائف"، لذلك صار هذا الانتخاب أو عدمه مفتاح التخريب والاسقاط. وما دامت الشرعية انتقلت الى الحكومة مجتمعة فقد أقحما صراعات الرئاسة الفرعية في عملها ونجحا في تعطيلها تدريجاً، مستندَين الى خلو الدستور من تحديد واضح لصلاحيات الحكومة في غياب الرئيس، فقادت الفذلكات الى اعتبار كل وزير رئيساً، ثم الى تعطيل التشريع في المجلس النيابي بحجة عدم وجود رئيس. والآن جاء دور التخريب على الأمن بغية تعطيله أيضاً لأن "الحزب" و"التيار" يعتبرانه تحت سيطرة الفريق الآخر (14 آذار). واذا نجحوا في ذلك سينتقلون الى محاصرة المؤسسة الأخيرة، أي الجيش، وربما استهدفت محاولات اقتحام السرايا والمجلس اقحام الجيش ليكون شاهد الزور على "اسقاط النظام"، لتصبح الدعوة الى "مؤتمر تأسيسي" أمراً واقعاً.
في حسابات ايران و"حزب الله" قد تكون اللحظة الراهنة الأنسب، أو حتى الفرصة ما قبل الأخيرة، لاجتراح "نظام ما بعد الطائف" وادراجه في مساومات "ما بعد الاسد" في سوريا. لذلك قد تكون حال الفوضى التي شهدها اللبنانيون أخيراً مجرد تمرين تجريبي وراء ستار النفايات للسيناريو الخفي الذي قد يعاود الاغتيالات والترهيب بالفتنة. فـ"المؤتمر التأسيسي"، كما هو مطروح، ليس مشروع وفاق جديد، وانما يرمي الى نظام واجهته "نصرالله – عون" وجوهره الهيمنة الايرانية.
التعليقات