&
استبق الرئيسان باراك أوباما وفلاديمير بوتين القمة التي جمعتهما مساء أمس بإعادة التأكيد على التمسك بموقفيهما حول «عقدة الأسد» في سورية، من خلال خطابين أمام الجمعية العامة صباحاً. وشددت مواقف الرئيسين على استمرار نقطة الخلاف الرئيسية بينهما في شأن الأزمة السورية. وعلى رغم أن ما يتفق عليه الطرفان هو محاربة تنظيم داعش إلا أن الطرح الروسي بضرورة التعاون الدولي مع الرئيس السوري بشار الأسد في محاربة الإرهاب بقيت نقطة خلافية جوهرية مع واشنطن والدول العربية.


لكن الرئيسين الروسي والأميركي أبقيا يد الديبلوماسية ممدودة تمهيداً للقاء الذي أعده وزيرا خارجية البلدين جون كيري وسيرغي لافروف باجتماع تحضيري أمس أيضاً.
وقال أوباما أمام الجمعية العامة إن الولايات المتحدة مستعدة «للعمل مع أي دولة بما في ذلك روسيا وإيران لوقف سفك الدماء» في سورية.
وحمّل أوباما الأسد مسؤولية وصول الأزمة السورية إلى مرحلتها الراهنة داعياً إلى تذكّر سبب النزاع حين «ردّ الأسد على التظاهرات السلمية بالتصعيد والقمع والقتل ما أدى الى البيئة الحالية للنزاع». وقال إنه «لا يمكن أن ننسى أن الأسد قصف شعبه بالسلاح الكيماوي والقذائف العشوائية» وهو ما يوجب أن «نعمل على تحقيق انتقال بعيد من الأسد الى حكومة جديدة ليتمكن الشعب السوري من إعادة البناء». ودان من يؤيدون قادة مثل الأسد الذي وصفه بأنه «طاغية قاتل للأطفال».
وقال أوباما إن الولايات المتحدة «ستعمل في المستقبل على تجنب الأخطاء التي ارتكبتها في أماكن أخرى كليبيا، لتعزيز قدرة الدول على منع الانهيار».
وأشار الى ضرورة تجنب «أخطاء» اعترف بأن الولايات المتحدة ارتكبتها مع شركائها في ليبيا «عندما انضممنا لوقف المذبحة، كان يمكن أن نفعل ما هو أفضل لملء الفراغ» بعد سقوط نظام معمر القذافي.
وفي سياق كلامه عن سورية قال إن «قتل دكتاتور عشرات الآلاف من شعبه أمر لا يمكن أن يعني دولة واحدة فقط بل هذا يطاولنا جميعاً».
وجدد التأكيد على «منع وجود جنة محمية لتنظيم داعش» وأن الولايات المتحدة ستعمل على ذلك لكنه أشار الى أن «القوة العسكرية وإن كانت ضرورية» لمواجهة التنظيمات الإرهابية، «إلا أنها غير كافية» إذ ثمة ضرورة لأن يعيش السوريون معاً في سلام دائم.


وأشار الى أن الولايات المتحدة ارتكبت أخطاء في العراق «لكن التطرف وجد أيضاً بسبب عقيدة مسممة متطرفة تتطلب مواجهتها أن يعمل المسلمون وغير المسلمين على مواجهتها».
ورد بوتين على أوباما في شكل غير مباشر مشدداً على ضرورة دعم الرئيس بشار الأسد، في سياق محاربة تنظيم «داعش».


وقال إن الشعوب في الشرق الأوسط أرادت التغيير «بطبيعة الحال، لكن النتيجة الحالية هي تدمير المؤسسات والعنف والفقر والكوارث الاجتماعية».
وتوجه الى الدول التي دعمت التغيير بالقول «هل تعون ماذا فعلتم؟ لا أتوقع إجابة منكم لكن الفراغ (في السلطة) في الشرق الأوسط أدى الى تفشي الإرهاب والتطرف». وأشار في هذا السياق الى الاجتياح الأميركي للعراق وحلّ الجيش العراقي الذي سبّب انضمام «آلاف المسلحين الى المنظمات الإرهابية».


وقال إن «ما يمسى المعارضة المعتدلة في سورية تدرب وتسلح بدعم من الدول الغربية ثم تتحول أسلحتها الى داعش». واتهم دولاً لم يسمها «بدعم الإرهاب» محذراً هذه الدول بالقول «تريدون دعم هذه المجموعات للتعامل معها في المستقبل لكن عليكم أن تعلموا أنها خطيرة وتضاهيكم ذكاء وأي لعب مع الإرهابيين سيؤدي الى انتشار الإرهاب ووصوله الى دول في أوروبا، وروسيا».
واعتبر بوتين أنه «علينا أن نعترف بأن ما من أحد يقاتل داعش في سورية سوى قوات الرئيس الأسد والميليشيا الكردية» مكرراً الدعوة الى إنشاء تحالف دولي لمحاربة الإرهاب مشابه للتحالف الذي هزم النازية.
وقال إن هناك من يتهم السياسة الروسية بأنها قائمة على «طموحات روسية، وكأن الآخرين ليس لديهم طموحاتهم، لكننا نقول إن الأمر لا علاقة له بالطموحات بل إننا لا يمكننا بعد اليوم التسامح مع الحالة الراهنة للوضع القائم في العالم».
وقال إن «علينا أن نعمل معاً انطلاقاً من المبادىء المشتركة، لا الطموحات، بما يرتكز على القانون الدولي وإيجاد تحالف دولي لمحاربة الإرهاب». ودعا الدول المسلمة الى الانضمام الى الجهود الدولية في محاربة الإرهاب، وكذلك القادة الدينيين المسلمين. وقال إن التوصل الى استراتيجية لمحاربة الإرهاب ستلغي الحاجة الى مخيمات اللاجئين.


وكان كيري عقد اجتماعاً مع عدد من الوزراء العرب بينهم وزير الخارجية السعودي عادل الجبير الذي أعاد بعد الاجتماع التأكيد على موقف السعودية الرافض لدور الأسد في مستقبل سورية، ومشدداً على ضرورة تطبيق بيان جنيف الذي ينص على تأسيس هيئة حكم انتقالية بصلاحيات تنفيذية كاملة. وقال الجبير إنه «غير موافق» على التقويم القائل بوجود تغير في مواقف الدول الغربية حيال دور الأسد في العملية السياسية في سورية.
ودعا الرئيس الإيراني حسن روحاني الى تشكيل «جبهة موحدة» لقتال المتطرفين في الشرق الأوسط. وقال في كلمته امام الجمعية العامة ان ايران «مستعدة للمساعدة في احلال الديموقراطية في سورية» وفي اليمن.
وأضاف «أود أن أدعو العالم بأجمعه خصوصاً الدول في منطقتي الى وضع خطة عمل مشتركة شاملة لتشكيل جبهة موحدة ضد التطرف والعنف».
وتوجه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون للمرة الأولى بالاسم الى خمس دول «تحمل مفتاح» الحل السياسي في سورية وهي روسيا والولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وإيران وتركيا. وقال في افتتاح مناقشات الجمعية العامة للأمم المتحدة إن المسؤولية الأولى لإنهاء النزاع في سورية تقع على عاتق الأطراف السوريين أنفسهم لكنه شدد على أن الدول الخمس تحمل مفتاح إنهاء النزاع. ودعا بان الى أن تنعكس «روح التضامن» في العمل معاً التي تجلت في الجهود الديبلوماسية التي أنتجت الاتفاق النووي الإيراني لحل أزمات في أماكن أخرى لا سيما سورية واليمن وأوكرانيا.


ودعا بان القادة السياسيين الى عدم البقاء في السلطة أكثر مما تجيز لهم ولاياتهم الدستورية وحض الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن على وضع خلافاتهم جانباً والعمل معاً «لوقف القصف» في سورية واليمن.
وغصّت قاعة الجمعية العامة بكبار الرؤساء والملوك وقادة الدول في أكبر تجمع لهم في تاريخ المنظمة إذ وصل عدد رؤساء وقادة الدول ورؤساء الحكومات الى أكثر من ١٥٠، في الذكرى السبعين لإنشاء المنظمة الدولية.
وكان مقرراً أن يعقد الرئيسان بوتين وأوباما قمة مساء أمس الإثنين للبحث في الأزمتين السورية والأوكرانية، فيما لم يكن مقرراً حتى ظهيرة أمس أي لقاء بين أوباما والرئيس الإيراني حسن روحاني الذي أعلنت البعثة الإيرانية في نيويورك أنه سيختصر زيارته الى نيويورك ليعود الى طهران بعد إلقاء الخطاب أمام الجمعية العامة لمتابعة مسألة مقتل الحجاج الإيرانيين في حادثة التدافع في مكة.