خلف الحربي


لا أدري لماذا أتذكر عنوان فيلم (النوم مع الشيطان) كلما قرأت أخبارا حول القبض على مجموعة جديدة من المنتمين إلى خلايا داعش، فبرغم التضحيات الكبيرة التي يقدمها رجال الأمن البواسل في مواجهة هذه التنظيمات الإرهابية إلا أن المواجهة الفكرية لهذه الأفكار الظلامية لا تزال أقل بكثير من المواجهة الأمنية ما يؤكد أن هذه المواجهات العنيفة قد تستمر طويلا.


في بعض الأحيان أتخيل بأننا مثل الذي يلعب (البلوت) مع داعش، حيث نتجاوز عن خطابات التحريض السافرة على شبكة الإنترنت ونترك بعض الأسماء المعروفة تمارس الإرهاب الفكري في وسائل التواصل الاجتماعي ونضع الثقل كله على رجال الأمن الذين يعرضون أرواحهم للخطر في سبيل مواجهة قوى الشر والظلام في الميدان من أجل حماية المجتمع ومؤسسات الدولة.


لن تنتهي معركتنا مع الإرهاب ما لم نتحل بالشجاعة الكافية من خلال مراجعة أنفسنا والبحث عن الأسباب الحقيقية التي تدفع شبابا في أجمل سنوات العمر للانخراط في هذه التنظيمات الإرهابية ورفع السلاح في وجه أبناء جلدتهم وتهديد الأمن في بلادهم بل وقتل أقرب المقربين إليهم، ولن ننجو أبدا من هذا المنحدر الخطير ما لم تكن لنا وقفتنا الحقيقية والمشهودة ضد هذا الفكر الأسود الذي يتحين الفرصة للتخريب والتدمير والإفساد في الأرض وإحراق البلاد والعباد.
إن التعامل مع الإرهابيين تحت عناوين مطاطية من نوع (المغرر بهم) أو كما وصفهم أحد الدعاة المتشددين (إخواننا الذين بغوا علينا) هو أس المشكلة، فهؤلاء هم أعداء الوطن والحياة وتسمية الأشياء بمسمياتها هو الخطوة الأولى على طريق التخلص من هذه الخلايا الإرهابية التي نجحت في استدراج أعداد لا يستهان بها من شبابنا الذين كان يمكن أن يكونوا شيئا آخر لو لم تختطفهم وصايا المحرضين الذين لا يزال بعضهم يتفرج على المأساة وكأنه لم يكن جزءا أساسيا منها.
بفضل من الله لا تزال الأجهزة الأمنية هي صاحبة الكلمة العليا في هذه المواجهات الخطرة، ولكن القبضة الأمنية القوية تحتاج دائما إلى مناخ فكري نقي يساعدها على إبعاد الأجيال الجديدة عن الفخاخ التي ينصبها لهم هذا التنظيم في كل زاوية من زوايا الإنترنت.. من الواجب علينا تجاه وطننا الغالي وتجاه مجتمعنا أن نكشف كل الأوراق على الطاولة وأن نتوقف عن لعب (البلوت) مع رواد الفكر الإرهابي ونواجههم بالفكر مثلما نواجههم بالسلاح.. فهل سننتظر هذه اللحظة المفصلية طويلا؟.