&مطلق بن سعود المطيري

&ضمن مقر الجامعة العربية في القاهرة التي تشهد اليوم وقائع الاجتماع الاسثنائي لوزراء الخارجية العرب لمعاضدة المملكة ومناقشتها في إجراءاتها التي سوف تتخذها لمواجهة الصلف الإيراني، خرج يوم السبت الفائت وزير خارجية الشقيقة "المحتملة" العراق إبراهيم الجعفري أمام الصحفيين وتحدث عن مبادرة بلده للتوسط بين الرياض وطهران وذكر بأن المبادرة تقوم على المحافظة على كرامة الشعب العربي أولاً وليس على أمر آخر، وأكد على الشعب لخلق حد فاصل بين الحكومات العربية وشعوبها، فكرامة الشعب العربي هي اهتمام الوزير وليس الحكومات وسيادتها! فهل هذه القناعة جاءت للجعفري بعد زيارة طهران أم هي قناعة قديمة؟

&

كرامة الشعب العربي عند الوزير لا تحضر إلا عندما تتعرض طهران لمقاطعة عربية وبروز صراع القوميات "العربية والفارسية" فأصحاب الهوى الفارسي من إخواننا العرب يرون كل صوت عربي يعارض التدخلات الإيرانية في البلدان العربية بانه بعثي صدامي أو طائفي داعشي، ومن واجب عرب الملالي أن يصححوا المفاهيم القومية والدينية لشعوب المنطقة حتى تستقر أوضاعهم ويقضوا على الإرهاب، وهذا يتطلب منهم إعادة تفسير درس الكرامة وإنتاج آليات حمايتها، فيبدأ الدرس بإشاعة ثقافة مظلومية الشعوب من حكوماتها، فالوزير الجعفري يريد أن يربط انتهاك الكرامة العربية بالحكومات لصناعة الضجر العام الشعبي الذي يقود لاستيعاب ثقافة المظلومية الشعبية، فالتشيع الفارسي إن فشل في الانتشار كعبادة واعتقاد في الدول العربية، فأصحاب الهوى الفارسي يريدونه أن ينجح كثقافة، وجندوا لذلك بعض السياسيين والإعلاميين لنشر ثقافة المظلومية الشعبية التي تفصل بين كرامة الشعب وسيادة الدول، فلا تكاد توجد قناة عربية ذات حضور جماهيري بارز إلا ووجد بهذا النفس الطائفي، فالاختراقات الاستخبارية الفارسية وصلت لمنابر ثقافية وإعلامية عربية كثيرة، وتعمل وفق استراتيجية محددة الأهداف يقوم عليها أشخاص لا يعرفون من الأمانة المهنية إلا الأمانة لجهات الدفع المادي، فطهران حملت مشروعها الطائفي بكل قوة ووضعته في المنابر الإعلامية والدوائر السياسية العربية، وأصبح نقاش التدخلات الإيرانية كنقاش أي قضية محلية وليس قضية خطر أجنبي، مشاركة واضحة في الهم الداخلي، فلم تعد سياسة طهران من الناحية الإعلامية والسياسية في العالم العربي قضية تدخل أجنبي بل من ضمن محتويات الهم المحلي لمعظم الدول العربية، وهنا منبع الخطورة، فالتعرض للتدخلات الإيرانية أصبح عربياً من ضمن المشكلات الداخلية بفضل الأصوات المحلية التي قبضت الثمن من طهران.

&

كلام الوزير الجعفري لا يحمل مضموناً تصالحياً أو توسطياً ولكنه يحمل شكل استراتيجية دعائية ستضطرنا لمواجهتها في الأيام القادمة دعاية تقوم على الفصل بين كرامة الشعوب وسيادة الدول، وهذه الاستراتيجية ليست غائبة أو قيد الاختبارات الأولية بل لها وجود يختلف حضورها من بلد عربي وآخر حسب قوة الاختراقات فبغداد تختلف عن القاهرة بالنسبة والكم والنوع ولكن يوجد بهما نفس العنوان، "كرامة الشعب حسب التعريف الفارسي" فردهات الأزهر حافلة بمقاومة هذه الثقافة، وكذلك دول الخليج، حتى في المغرب وصلت هذه الثقافة، ومن السخرية أن الشعوب أكثر مقاومة لها من الحكومات.. مقاومة ثقافة المظلومية الفارسية ستكون حاضرة اليوم في الجامعة العربية، سنسمع الأصوات العربية المعارضة لها والأصوات العربية المؤيدة لها.