مطلق بن سعود المطيري

فوز ترامب يعبر عن حالة تغير حقيقية في المجتمع الامريكي، فمرشح الحزب الجمهوري لم يصل إلى البيت الابيض بأصوات الحزب الجمهوري الذي انقسم حوله أهليته لتمثيله في الانتخابات الرئاسية، وقاطعته بعض أهم الأسماء الجمهورية وزادت على المقاطعة إلى السعي لإسقاطه، فالرئيس الجديد للبيت الأبيض كان مرشحا لكل من يشعر بالخوف على مستقبل الولايات المتحدة من الإرهاب ويمقت فساد النخبة السياسية التقليدية، أمريكا تتغير والعالم كله من حولها سوف يتغير.

ذهب الكثير من المحللين بعد فوز ترامب إلى التأكيدات على أن شعاراته الانتخابية سوف تتبدل أو يتم إزالتها تماما، وإحلال مكانها برنامج عملي واقعي قابل للتطبيق، فهل هذا يعني أن الرئيس الجديد كان منافقا وانتهازيا أثناء الحملة الانتخابية، وبعد أن حقق ما يريد تاب عن نفاقه؟ الإجابة تكمن في حالة التغير التي يمر بها المجتمع الأمريكي، وهذه الحالة اسمها حالة فوز ترامب التي خالفت كل التوقعات والتقديرات المنطقية وانقلبت على مكانة النخب السياسية، حالة نجاح ترامب هي برنامجه السياسي: المواجهة المباشرة والمصالح المباشرة والشجاعة أو الوقاحة المباشرة.

فحص شعار أمريكا أولا الذي انتصر على شعار أمريكا للجميع أمر في غاية الأهمية، أي أنه شعار لا يهتم في ترسيخ مبدأ الديمقراطية وحقوق الإنسان، ورفع بعض الانتهازيين إلى مراتب عالية في السلطة في بلدانهم باسم حماية الأقليات سياسة لا تفيد مبدأ أمريكا أولا، فسياسة امريكا أولا مبدأ مباشر ولا يحمل تفاصيل معقدة، دول الخليج هي أكثر الدول المعنية بهذا الشعار والقادرة على التعامل معه بواقعية ومصلحة، وليس نفاقا وتبعية، فأن تكون أمريكا أولا سياسة تفيد دول مجلس التعاون وتضمن استقرارها، فأمريكا كانت أولا في حماية أمن الخليج وعندما تخلت عن هذا المبدأ، تواجدت طهران وأربكت أمن المنطقة بالكامل، فالرهان على حالة انتصار ترامب، رهان على مستقبل أمن الخليج، فمن السياسة أن يكون لدول المجلس سياسة خاصة تدعم مبدأ أمريكا أولا، فمتى ما كانت امريكا ثانيا أو ثالثا في المنطقة أو حتى أولا مكررا، لن تعرف دول الخليج الاستقرار، فالامريكيون جمهوريون وديمقراطيون صوتوا لامريكا اولا، وأهل الخليج يريدونها أن تكون أولا، فهل تعمل دول الخليج وفق هذا المبدأ أو سوف تتأخر عنه، ترامب حكم على سياسة أوباما الخارجية بالفشل، ودول الخليج أصابها الإحباط من هذه السياسة، فالقناعات السابقة واحدة، ولا يحتاج الأمر إلا إعداد سياسة خليجية واحدة تبنى على مبدأ أمريكا أولا، أمريكا قبل روسيا وإيران، والمصالح والإرادة تحقق ذلك.