سعيد الحمد
كثيرًا ما قرأنا هذا العنوان «أزمة الديمقراطيين» وسنظل نقرؤه وسنظل نصطدم بحقيقة من أسميناهم «ديمقراطيون»، دون تدقيق في واقع هؤلاء «الديمقراطيين» وفي ممارساتهم طوال عقود وفي ايديولوجياتهم وفي طبيعة توجهاتهم وفي طبيعة اتحاد القرارات، وفي طبيعة آليات علاقاتهم داخل التنظيم أو الحزب أو الجمعية الواحدة ناهيك عن علاقات أحزابهم وتنظيماتهم ببعضها البعض.
فمنذ سنوات التأسيس الأولى وأثناء سنوات «العمل السري» وحتى وصلوا إلى مرحلة «العلنية» وذات الطبيعة غير الديمقراطية حقيقة، وواقعًا هي التي تحكم قرارتهم ومسلكياتهم الحزبية منها والعامة وموافقهم السياسية بشكل عام، والتي أسموها «ديمقراطية» دون أن يطرح السؤال الكبير هل هذه التنظيمات منذ نشأتها إلى اليوم ديمقراطية؟؟
لا نريد أن ندخل في التفاصيل فهو ما يحتاج الى أسفار وبحوث تطول فصولها في سرد الوقائع والحقائق التي تكشف حقيقة «الديمقراطية» المزعومة في تلك التنظيمات، ولسنا هنا لننكأ الجراح الغائرة في نفوس من عاش معنا تلك التجارب، ولكننا سنسأل سؤالا واحدا فقط، هل مارست هذه التنظيمات وهل نشرت يوما تفاصيل المراجعات والنقد الذاتي والمساءلات، وما هي القرارات التي اتخذت للحيلولة دون الوقوع مرة اخرى في تلك الاخطاء القاتلة، أو إعادة تكرار نفس الممارسات واتخاذ نفس القرارات داخل التنظيم حتى تجاه افراد وكوادر من الحزب نفسه ذهبوا ضحية ديكتاتورية الحزب أو القيادة بشكل محدد؟
وماذا عن «الشللية» التي تحكم الحزب او التنظيم الواحد وشيوع عبارة «جماعة فلان وجماعة فلتان، داخل الحزب واسلوب المحاصصات في انتخابات الحزب أو التنظيم او الجمعية وتوزيع المناصب حسب قوة هذه الجماعة او تلك داخل الحزب أو الجمعية، وهل يمكن اعتبار ظاهرة مجاميع الاسماء التي يحملها كل قيادي داخل جيبه، ويساوم عليها رفاقه من القيادات الاخرى داخل الحزب أو الجمعية حتى يتم التوافق بعد التنازع على محاصصة بعينها؟».
وحتى الخلافات الداخلية «والزعل» اياه والتلويح بالانشقاق وشق التنظيم أو الحزب تتم تسويته ويتوصلون الى حله من خلال الترضية وتطييب الخواطر بإعطاء المناصب وتوزيعها حسب طبيعة الكادر القيادي، وطبيعية العدد الذي يتبعه وسيستقيل اذا ما استقال وخرج من التنظيم او الحزب وباشر تأسيس حزب موازٍ له وتحت سيطرته ويأتمر بأمره، فهل هذه ديمقراطية؟؟
ومع العلنية «العمل العلني لهذه الاحزاب» الآن تتسرب معلومات وتروى حكايات عن الظاهرة الشللية والفردية غير الديمقراطية، وقد تضاعفت وزادت جرعتها، ولسنا في وارد عرضها بقدر ما نسأل عن طبيعية «الديمقراطية» وعن مدى دقة التوصيف «ديمقراطي» وهي المصطلح الذي ألحقه كل تنظيم بتنظيمه، وكأن الديمقراطية يافطة يحملها شعارًا فوق المبنى.
فنقد ديمقراطية الآخرين أو «الآخر» مقدور عليه تنظيرا وتأطيرا داخل هذه الجمعيات، لكن نقد الذات مثل «بيض الصعو» لا تمكن ممارسته ولم نسمع عنه أبدا.
قليل من التواضع إذن حتى لا ينفجر الديمقراطيون بانتفاخ ديمقراطيتهم داخل جمعياتهم، وانظر حولك ليس عنوان زاوية للصحف العربية القديمة، ولكنها مطلوبة من هذه الجمعيات بالذات حتى تعيد قراءة واقعها وتستطيع بعد ذلك البحث عن حلول لأزمة اللاديمقراطية داخلها.
عندها فقط يمكن فتح صفحات خارج هذه الشــعارات التي ستبقى شعارات طالما ظلت أمور هذه الجمعيات على ما هي عليه. وصديقك من صدقك لا من صدّقك.
التعليقات