&&مشاري الذايدي& &

&

&يظن كثر أن بداية العلاقات السعودية الأميركية هي اللقاء التاريخي على البارجة «كوينسي» بالبحيرات المرة، بين الملك عبد العزيز والرئيس الأميركي «التاريخي» فرانكلين روزفلت، فبراير (شباط) 1945.

لكن الحق أن العلاقة أقدم من ذلك، فقد أثارت أميركا الرئيس (ودرو ويلسون) مشاعر الشعوب المستضعفة، وتدخل أميركا ويلسون بالحرب العظمى هو الذي كفل النصر للحلفاء، وبمؤتمر فرساي الشهير بعد الحرب 1919، أرسل عبد العزيز نجله فيصل للمشاركة فيه. بالعودة للرئيس ويلسون (ولايته من 1913 إلى 1921) نجد تقديرا خاصا، ومبكرا، من عبد العزيز لسياسات هذا الرئيس «المثقف» لسياسته الدولية المعروفة بـ«مبادئ ويلسون» وهي التي استقبلها العرب بوصفها انتصارا للشعوب المغلوبة على أمرها. يروي المثقف والسياسي اللبناني أمين الريحاني، تفصيلات ممتعة عن حواره الشخصي مع الملك عبد العزيز، على أكوار الإبل، وهو يرافقه مع ركبه الملكي المتجه من صحراء الأحساء لميناء العقير الصغير، الذي عقدت فيه اتفاقية العقير المعروفة مع العراق وسلطات الانتداب الإنجليزي، لترسيم الحدود السعودية. وكان ذلك أواخر 1922. مما جاء في رواية الريحاني أن عبد العزيز سأله:

«كيف سقط ويلسون وهو الحاكم والأكثرية معه؟

- الريحاني: لم تكن معه في الانتخابات الأخيرة، فقد هجره من أنصاره كثيرون انقلبوا واقترعوا عليه.

- الريحاني: فهز السلطان عصاه، يربت بها رقبة الذلول، وقال: لا أظنهم أحسنوا؛ لأن ويلسون رجل عظيم، وله الفضل الكبير في تنبيه الشعوب الصغيرة المظلومة».

يضيف المؤسس للريحاني:

«أنا احترم أميركا يا حضرة الأستاذ، وإن كانت سياستها الآن مع الأحلاف غير سياسة ويلسون، أميركا أم الشعوب الضعيفة، ونحن العرب منهم». (كتاب «ملوك العرب» لأمين الريحاني، ص 366 - 367). لاحقا نجد في رسالة الملك عبد العزيز للرئيس الأميركي هاري ترومان، في 15 سبتمبر (أيلول) 1946 هذه العبارة: «إن الصداقة التي تربط بلادي بالولايات المتحدة، والصداقة التي تأسست بيني وبين الرئيس الراحل روزفلت، والصداقة التي تجددت بيني وبين فخامتكم، تجعلني شديد الحرص في المحافظة على هذه الصداقة وتغذيتها». لكن في رسالة أكثر «حزما» نجد عبد العزيز يخاطب الحكومة الأميركية عن طريق مفوضيتها بجدة، برسالة مؤرخة بـ21 مايو (أيار) 1948، بعد موقف ترومان المستفز مع إسرائيل: «إن كان قصد الولايات المتحدة الأميركية تحدي العرب، وقد تعمدت ذلك، فإن العرب يفضلون الموت على الحياة». القصد من هذا السرد، هو أن من ثقافة التأسيس السعودي في العلاقة «الاستراتيجية» مع واشنطن، التحالف، مع الاحتفاظ بحق الاختلاف، بكل درجاته. ولا تناقض.

&

&

&

&