&ديريك تشوليت&&

في 19 مايو 2011، وقف الرئيس باراك أوباما في غرفة "بن فرانكلين" المزخرفة في الطابق الثامن في وزارة الخارجية، ودعا إلى تغيير واسع في نهج أميركا مع الشرق الأوسط، موضحاً أنه يساند الإصلاح السياسي والاقتصادي.

وفي رد فعل على الأشهر الستة الأولى المذهلة من "الربيع العربي"، أكد أوباما أن المصالح الأمنية لأميركا مستمرة، ولكنه اعترف أن المظالم المتراكمة بين الناس العاديين فقط تغذي الشكوك التي اقترحت لسنوات بأن الولايات المتحدة الأميركية تسعى إلى تحقيق مصالحها على حسابهم.

وفي الأسابيع التي سبقت الخطاب، قال باراك أوباما إنه يريد أن ينتهج "قول الحقيقة" حول ما كان يحدث، وكيف أن هناك حاجة للولايات المتحدة لاحتضان هذا التحول، وتغيير نهجها في التعاطي مع قضايا الشرق الأوسط.

وأشار خطاب الرئيس الأميركي، آنذاك إلى 3 أماكن شهدت الربيع العربي، وكيف أنها تنبأت بالتحديات القائمة:

أشار إلى مدينة "بنغازي" الليبية، في تلك اللحظة التي تحميها الطائرات الأميركية، والحليفة، التي تهاجم قوات القذافي. والشباب المصري في ميدان التحرير، والذي يطالب بالتغيير السياسي. والمحتجين في سورية، الذين يتحدون الرصاص وهم يرددون "سلمية سلمية".

وفي مايو2011، بدت هذه الأماكن حذرة وواثقة، ولكن في السنوات اللاحقة، كانت هذه الأماكن الثلاثة -ليبيا ومصر وسورية- حيث توفي الربيع العربي. وهنا تجدر الإشادة بكتاب مارك لينش بعنوان "الحروب العربية الجديدة"، الذي يُعتبر أحد أهم وأوضح المؤلفات التي تناولت أسباب "وفاة الربيع العربي"، والفوضى المتشابكة في الشرق الأوسط اليوم. فقال "كان الربيع العربي ظاهرة عابرة للحدود حقاً، في أن ما حدث قد تشكل من قِبل قوى خارجية في كل بلد على حدة، وإن لم يكن حصراً بطبيعة الحال".

وفيما يتعلق بالدور الأميركي، ذكر لينش بشكل مقنع، أن جهود الرئيس أوباما لتغيير دور أميركا في المنطقة -أو بشكل أكثر دقة، للتراجع عن أخطاء إدارة جورج دبليو بوش- كانت على خلفية لا مفر منها لمعارك الربيع العربي العابرة للحدود.

ليس هناك شك في أن جميع شركاء أميركا اهتزوا بسبب التغييرات السياسية الأخيرة، سواء أكان ذلك يعني تعامل واشنطن المباشر، وأحياناً السري، مع إيران للتوصل لصفقة نووية، ورغبتها في رؤية تنحي مبارك في مصر، وعدم الرغبة في الذهاب إلى سورية وإخراج الأسد، أو الخلافات السياسية المريرة بين الولايات المتحدة وإسرائيل على أعلى المستويات. وكذلك النظر إلى أبعد من المنطقة، وقلق شركاء الخليج، من أن استقلال الطاقة الأميركية يعني أن لديهم ضغطاً أقل على واشنطن، وأن إستراتيجية إعادة التوازن لآسيا تعني أقل من الاهتمام لأولوياتهم.