دلال أبو غزالة 

يعتبر التغيير السمة المميزة لقطاع الطاقة العالمي هذ السنة، اذ شكّلت مجموعة الضغوط الداخلية والخارجية في قطاع النفط والغاز والكهرباء، حافزاً للتغيير، ما دفع المسؤولين عن هذه القطاعات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلى مراجعة الاستراتيجيات المعتمدة سابقاً، وفقاً لتقرير أصدرته مؤسسة «بوز الن هاملتون» أمس.

وشكلت الطاقة والتكنولوجيا حجر الزاوية للاقتصادات الإقليمية والعالمية على حد سواء، اذ تؤديان دوراً مهماً في دعم النجاح التشغيلي في كل القطاعات الأخرى. ولاحظت المؤسسة العالمية، أن تطوير الابتكار والتغيير التكنولوجي، باتا القاعدة المتبعة عبر منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، اذ زادت مواكبة المشرّعين وصنّاع القرار لتوجهات التغيير في قطاع الطاقة، سواء دعم الطاقة المتجددة، ونشر العدادات الذكية، وتحديث الشبكة، او استخدام تقنيّة البيانات الكبيرة، والخدمات السحابية.

وتوقعت المؤسسة، أن يؤدي تطبيق تلك التقنيات إلى مزيد من الكفاءة التشغيلية، خصوصاً مع استمرار تدني أسعار النفط لفترة طويلة، في وقت استمر قطاع النفط والغاز بتأمين فائض من الإنتاج عام 2016، ما أدى الى خفض إنتاج النفط الصخري الأميركي، لكنه فشل في رفع الطلب الى المستوى اللازم لإعادة التوازن الى الأسواق العالمية. وأكدت أن استمرار تدني سعر النفط العالمي، أدى الى انكماش الإنفاق الحكومي، إلا أن السعي الى تحقيق التنوع الاقتصادي والحدّ من الاعتماد على النفط، يشجّع على تعزيز الاستثمار في القطاعات الواعدة، منها قطاعات العقارات والبناء والضيافة والسياحة والتعليم. كما تركّزت الجهود الوطنية (المحلية) على تحسين الكفاءة التشغيلية في مختلف القطاعات، منها المرافق العامة المؤهلة للاستفادة في شكل كبير من الحلول الرقمية.

 

المرافق العامة

وأشار نائب الرئيس التنفيذي في «بوز ألن هاملتون» الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وليد فياض، الى أن اعتماد قطاع المرافق العامة على سياسات استثمارية، حدّ من الانفاق في مجال تقنية المعلومات. فيما بدأ عدد متنامٍ من الشركات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بتبني الحلول التكنولوجية، وفي شكل أدق، حلول الشبكات الذكية لما لها من فوائد وميزات.

وتشهد سلسلة التزويد التقليدية في قطاع المرافق العامة تغييراً مدعوماً في شكل أساس من التشريعات والسياسة العامة، الى جانب وفرة الغاز الطبيعي بكلفة منخفضة، والتراجع الكبير في كلفة إنتاج الطاقة المتجددة وتخزينها.

وقال نائب ثانٍ للرئيس هو أدهم سليمان: «برز تحليل البيانات كأحد التوجّهات الرئيسة التي سترسم ملامح قطاع الطاقة هذه السنة. وتدخل البيانات الكبيرة لتغير طريقة عمل قطاع الطاقة على المستوى العالمي، من خلال خفض الكلفة، وتعزيز الاستثمارات وخفض الأخطالر عموماً. وحض المؤسسات في الشرق الأوسط على وضع استراتيجيات رقمية شاملة.

وحددت «بوز ألن هاملتون» خمسة توجّهات ستؤثر في قطاع الطاقة، أهمها التركيز على إنتاجية إنفاق رأس المال، حيث «تؤدي التحوّلات الحاصلة في الأسواق إلى ضغوطات على تنفيذ برنامج رأس المال في قطاعي النفط والغاز والكهرباء على السواء»، ففي قطاع النفط والغاز، «ساهمت دورة تدني الأسعار لفترات مطولة في دفع المديرين التنفيذيين ومجالس إدارة شركات النفط الشاملة وشركات النفط الوطنية وشركات خدمات حقول النفط، إلى زيادة المراقبة لعمليات الاستخراج والانتاج».

أما التوجه الثاني، فيتعلق بتحقيق القيمة المؤسساتية من البيانات، اذ شهد قطاع الطاقة كغيره من القطاعات، زيادة كبيرة في حجم البيانات الناتجة من العمليات مع انتشار أجهزة القياس المتطوّرة، ونجح في استخلاص الفوائد الأساسية من هذه البيانات، والتي تركّز أساساً على إيجاد فرص خفض الكلفة من خلال خفض عدد الأيدي العاملة وتحسين الإجراءات المعتمدة. وتمكّنت شركات النفط الشاملة في السنوات الأخيرة من التكيّف مع تدني الأسعار لفترات طويلة في شكل أفضل من الشركات المنافسة غير الشاملة، وذلك بفضل أعمالها في مجال التكرير وإنتاج البتروكيماويات.

وعلى رغم ذلك، أكدت المؤسسة العالمية أن معظم الشركات يفتقر الى القدرة في استعمال البيانات المتوافرة لديه لتحقيق فهم أفضل لبيع منتجاته في الأسواق العالمية.

 

دعم الطاقة المتجددة

ويتعلق التوجه الثالث باستخدام الأسواق لتحديد الشبكة المستقبلية، اذ قام القطاع العام «بدعم اعتماد الطاقة المتجددة، ونشر العدادات الذكية وتحديث الشبكة على مدى السنوات الخمس الماضية عبر اعتماد معايير إلزامية، وتقديم الدعم المادي، وهي عناصر أظهرت فعاليتها في خفض تكاليف تقنيات الطاقة المتقدمة». وأضافت: «بات المشرّعون وواضعو السياسات يركزون على الأمور المستقبلية، فينتقلون من مقاربة تعتمد على تقديم الدعم المادي وتوفير المعايير، الى مقاربة يحركّها السوق».

اما التوجه الرابع فيتعلق بتوسيع نطاق السلامة الأمنية ليشمل النشاط التشغيلي، فمع «التزايد في اعتماد أجهزة القياس الذكية التي تم تبنيها أخيراً، ارتفعت التهديدات التي تطاول أنظمة التحكم الصناعي، اذ تمثّل مجموعة متنامية من التقنيات المستخدمة في الشبكات. وبدأت أنظمة التحكّم الصناعية بأتمتة حركة الطاقة عبر الشبكة الكهربائية وتدفق النفط عبر الأنابيب. ومع ازدياد جرأة المهاجمين السيبرانيين، أدرك هؤلاء الأثر التشغيلي والأمني والاقتصادي الناتج من الهجمات على البنية التحتية لأنظمة التحكّم الصناعية. ونتيجة لذلك، ستزيد الشركات تركيزها على السلامة الأمنية».

والتوجه الخامس يتعلق بالابتكار الذي يعتبر نقطة التحوّل بالنسبة الى التقنية السحابية، حيث يعتمد قرار تحويل البنية التحتية الى تقنية المعلومات من الخوادم الثابتة في الموقع، الى نموذج الخدمة العاملة على التقنية السحابية، على عامل الكلفة بخاصة. وأكدت «بوز الن هاملتون»، أن هذا الأمر انطبق على الكثير من الأنظمة المؤسساتية في شركات النفط الكبرى، لكن الابتكار هو الذي يوجّه الموجة الحالية للتحوّل نحو التقنية السحابية في وحدات الأعمال التشغيلية في تلك الشركات.