فاطمة آل تيسان

لا تخلو أوكار الإرهابيين عند مداهمتها من رمز الستر والعفة، كما يراها مجتمعنا، هي اللباس الساتر الذي يغلب عليه السواد، أو لا تعدّ عباءة معترفا بها إلا إذا فحم لونها، وإن كنا لا نعلم التاريخ الذي أقرت فيه لتكون الستر الخارجي والوقار للمرأة إلا أننا تربينا على حفاوة من حولنا بها، وبالتالي تناقلنا تلكما المحبة والثقة أنهما من تحمياننا من الأعين الراصدة لكل حركة وسكنة تصدر عن الأنثى، هكذا ظلت حكرا علينا بتصاميمها وألوانها التي لا تحاكي عباءة الرجل في شيء، بل كان عارا وشناراً أن فكر أحد الذكور ارتداءها إما لتندر أو للقيام بدور في مشهد تلفزيوني أو مسرحي، وكثيرا ما كانت اللعنات تنهال عليه لتشبهه بالنساء من وجهة نظرهم، ولا يقف الأمر هنا، بل قد تصل حد الادعاء والمطالبة بعقوبة رادعة، والآن يبدو أن العباءة الوقورة تخلت عن دورها القديم لتصبح شريرة ومتآمرة يستعين بها الإرهابيون في التحضير لعملياتهم، بل منها ما استغل في التنفيذ، والمستغلون هنا لمكانتها هم من المجرمين الرجال الذين شنوا حروبا بالأمس على من استعان بها، لإيصال فكرة خيرة، بينما هي اليوم وسيلتهم لتنفيذ فكرة شريرة..

والغريب أننا لم نسمع من يعلق على هذا الأمر وينتقده، فهل يبررون ذلك الاستخدام بأنه يدخل في باب الجهاد؟!! ثم أين حروبهم الدائمة على شكل العباءة وزخارفها وهيئتها؟ وأن تكون فضفاضة تكنس الأرض عند استقامتها، أين هم من استغلال مواصفاتهم لها في تهريب الأحزمة وتخفي الإرهابيين؟!! أليس من الأمن أن تصمم العباءة بحيث لا يستطيع أحد استغلالها للتخفي والإجرام، ومن أرادت أن تتطرف في شكل عباءتها فلا تصل بها إلى أن ينضوي تحتها إرهابي، وأن تكف عن نقد الأخريات في أشكال ما يرتدون من عباءات لأنهم يرتدونها بالفعل ولا يمررونها تحت شعار جهادي أو عمل خير، لسنا ضد العباءة، فهي لبسنا الذي لا ننفك عنه، لكن أن تستغل في إلحاق الأذى بالوطن وأبنائه لأمر كارثي، والمؤلم أن يستغل في المرأة السعودية محافظتها على سترها ووقارها ليكونا الوسيلة والطريق للتفجير ولتخفي المجرمين، المرأة في مجتمعنا تراعي الاحتشام في تعاملاتها، لكن هناك من استغل ذلك الأمر ليصفه بالضعف والخنوع، وتحاشيها الدائم الاحتكاك بالرجل، وهذا أكثر ما استغله الإرهابيون كوسيلة للهرب من رجال الأمن ونقاط التفتيش، وحقيقة أن الأمر يستحق وقفة معالجة نتائجها تطبق على الجميع، وفي المقدمة من يشجعون على الإرهاب ويعملون على تجنيد النساء والرجال ظاهريا وباطنيا.