محمد الحمادي 

السلوك السياسي القطري في الأزمة الحالية يمكن وصفه بكلمة واحدة وهو أنه «مسلٍّ»، فهذا السلوك الذي نشهده من نظام قطر منذ بداية الأزمة إلى اليوم لا يدعو إلا إلى «التسلية» فلا شيء فيه من الجدية فضلاً عن العقلانية والحكمة، فبعد أن قام النظام القطري بكل شيء ممكن ضد الدول المقاطعة، وفشل ابتداءً من الاتهام الباطل بالحصار، مروراً باتهام السعودية بمنع حجاج قطر من أداء المناسك، ومؤخراً التلميح بأن هناك خياراً عسكرياً كان مطروحاً ضد قطر، وصولاً إلى الحديث عن مستقبل مجلس التعاون لدول الخليج العربية، فاليوم ننتقل مع الأشقاء في قطر إلى حلقة جديدة من مسلسل التسلية الذي قد يكون «مكسيكياً»! وهذه الحلقة عن مجلس التعاون وتعاطي النظام في قطر مع هذا الموضوع انقسم إلى جزأين، الأول هو ادّعاء الحرص على مجلس التعاون والخوف عليه، مما قد يحدث من تفكك ونهاية للمنظومة، والأمر الآخر هو الهجوم الممنهج على شخص الأمين العام للمجلس الدكتور عبداللطيف الزياني.

وكل ذلك مردود عليه، فادعاء الحرص على المجلس ومستقبله لا يبدو واقعياً، فمن يعرف طريقة تعامل النظام القطري، خصوصاً في زمن الحمدين مع المجلس يعرف أن هذا النظام لم يكن يحترم هذا الكيان، بل كان يتجاوز على قياداته، وكان ذلك واضحاً في القمة الخليجية عام 2007 في الدوحة عندما دعا الشيخ حمد بن خليفة الرئيس الإيراني السابق لحضور القمة، فوصل قبل قادة المجلس! كما أن مواقف النظام في قطر معروفة من العديد من القضايا التي لا تتوافق مع مواقف دول المجلس بل تعاكسها.

سلوك النظام القطري وتكتيكاته أصبحت مكشوفة، فالمظلومية والحديث للعالم بأن الدوحة حريصة على انعقاد القمة لا يمكن أن يصدقهما أحد، لأن كل التصرفات القطرية تدل على أن القمة آخر همّها، بل عدم انعقادها هو أمنيتها! ولكن هذه الأمنية لن تتحقق، وستعقد القمة وقد تكون بلا قطر، وسيستمر المجلس كما أراد الآباء المؤسسون بها أو من دونها إلى أن تعود إلى صوابها.

أما الضرب في الدكتور الزياني، فذلك لعبة أخرى كان يمكن أن يترفع عنها الأشقاء في الدوحة، خصوصاً أنهم يعرفون أنه ليس للأمين العام دور في هذه الأزمة التي هي بيد قادة الدول، والأمر الآخر هو أن الكل يعرف أن النظام القطري لن يستمع للأمين العام، وربما لن يستقبله لأنه نظام لا يبحث عن حل، لذا فإن المزايدة على دوره، ومحاولة الإساءة إلى شخص الرجل ما هي إلا إساءة لمن يسيئون إليه.

ولو كان لدى النظام في قطر حل للأزمة لتمّت دعوة الأمين العام رسمياً، وتم تقديم الحلول والمقترحات، لكنهم لا يبحثون عن مخرج للأزمة، ولا يملكون حلاً لها، والدليل أن الأزمة تدخل شهرها السادس والدوحة تعيد الخطاب نفسه وتدور في الدائرة نفسها.