محمد عبدالله العوين
منذ أن تولى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز سدة المسؤولية وهو يعمل جاهدا على معالجة وجوه الضعف وحالات الاسترخاء في إدارات الدولة والتحري الدقيق للثغرات التي ينفذ منها الفاسدون من ضعاف النفوس للإثراء الشخصي على حساب المال العام ومصالح المواطنين ورفعة الوطن في المشروعات الضخمة التي تخطط لها الدولة في كل ميزانية، فينتهز الفاسدون الفرص التي يمكن أن تتاح لهم في العقود أو في التواصل مع الشركات المنفذة باقتطاع نصيب مما يعتقد «الفاسدون» أنه كعكة أو غنيمة.
لقد بخس «الفاسدون» الوطن حقه، وعطلوا أو أساؤوا إلى تنفيذ المشروعات النافعة التي خططت لها الدولة وأولاها قادة البلاد اهتمامهم وعنايتهم، وأضاعوا مصالح المواطنين وأرهقوهم بما ترتب على ما ارتكبوه من جنايات فساد بالديون والمتاعب؛ بتشبيك الأراضي واقتطاعها بدون وجه حق أو بصكوك مزورة مما نتج عنه ارتفاع أسعار الأراضي -كمثال- أو بتلف ممتلكات المواطنين من منازل وسيارات في كارثة سيول جدة - مثالاً آخر، وحملوهم بالديون أو دفعوا بعضهم إلى اليأس والإقدام على الانتحار كما حصل في مأساة سوق الأسهم التي لا يمكن أن تنسى وذاق مرارتها كل بيت سعودي سوى من ارتكب جناية سرقة أموال المواطنين.
إن أدق وصف لسرقة المال العام والتلاعب بمصالح الوطن والعبث بحقوق المواطنين والاستهانة بالأمانة والثقة التي منحها ولي الأمر إلى المسؤول هي «الخيانة» فلا فرق بين من يخون وطنه بالتواصل مع أعدائه ومن يسرق ثرواته، ولا فرق بين من لا يدافع ويضحي بنفسه فداء لدينه ووطنه ومن لا يدافع أيضا عن ثروات ومكتسبات وأحلام وآمال وطنه ومواطنيه في النهضة والتطور والإنجاز المتميز؛ بل يتعمد تعطيل تلك الآمال وسرقة تلك الأحلام وتأخير نهضة الوطن وإطالة أمد انتظار إنجاز المشروعات المأمولة المخطط لها.
لقد عاش هذا الوطن العظيم يوم السبت ليلة الأحد 16 من صفر 1439هـ حدثا تاريخيا بحق، وتابع المواطنون والعالم أجمع إجراءً نادراً من نوعه وطريقته لا تحققه البرلمانات ولا تنجزه الدساتير في الدول الديموقراطية، ولم نقرأ عنه سوى في توجيهات نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الكريم «والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها...» أو في التاريخ الإسلامي الأول في عهد عمر بن عبدالعزيز
-رضي الله عنه- حين جمع الأموال التي سرقها أعيان بني أمية؛ حتى إنه نزع الذهب والمجوهرات والحلي من أعناق نسائهم.
وهكذا يعيد سلمان بن عبدالعزيز تلك الفترة الزاهية العادلة من التاريخ الإسلامي، فلم يستثن من المحاسبة صغيرا ولا كبيرا ولا أميرا ولا وزيرا ولا تاجرا ولا وسيطا ولا من مضى وانقضت فترة تكليفه أو من لا زال على رأس وزارته.
وشكل -حفظه الله- لتنفيذ الأمر السامي الكريم لجنة على مستوى عال يرأسها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- الذي عرف بصرامته وشدته في محاسبة الفاسدين، وقد سبق أن توعد بأنه «لن ينجو أي شخص دخل في قضية فساد، سواء كان أميرا أو وزيرا، ومن تتوفر عليه الأدلة الكافية سيحاسب».
والحمد لله أن تنفيذ الأمر الملكي الكريم قد تم فورا، فقد أغلقت مطارات الطيران الخاص -مؤقتا- ومنع من السفر عن طريق مطار جدة أحد الوزراء الذي أراد الهرب إلى أمريكا حين علم بالخبر، وأوقف على الفور خمسون ممن وجهت لهم الاتهامات بالفساد من أمراء ووزراء ونوابهم.
وأشارت أوامر الإيقاف والتحقيق إلى أن التهم الموجهة للموقوفين تتصل بهذه المشروعات: توسعة الحرمين الشريفين، قطار الرياض، المدن الصناعية، عقود التسليح العسكرية، الخطوط السعودية، الأرصاد وحماية البيئة، أمانات المدن وبخاصة جدة، كورونا، غسيل الأموال، استغلال السلطة، رشاوى، تلاعب بعقود المشروعات.
الملك سلمان يجدد فتوة وقوة الدولة السعودية، والأمير محمد يطبق أولى مفردات رؤية 2030م لميلاد «السعودية العظمى» بإذن الله.
التعليقات