غياث الحاج
الحلقة الثانية
بدأت الولاية الثانية لرئيس الوزراء السابق نوري المالكي، بارتكاب أخطاء كارثية، نتيجة هيمنة عائلته على مكتبة الخاص، فضلا عن مفاصل الدولة المهمة، وأبرزها المؤسسة العسكرية. واتّبع المالكي خططا مدروسة، لتكريس هيمنة “الابن أحمد”، وأوكل الأب لابنه عدة مهام وهي كما يأتي:
المهمة الاولى: تمكين “الابن” وإقصاء الكادر المهني
لم تستطع ثقة المالكي بالدكتور طارق نجم، المعروف بالوفاء والحكمة وبعد النظر، والمهنية، من الصمود امام هوس تمكين “الابن احمد” في السيطرة على مقدرات مكتب رئيس الوزراء.
لقد كان المالكي بين خيارين؛ إما تمكين “الابن”، وأما إبقاء صِمَام أمانه (الدكتور طارق نجم)، المستشار، المتمكن من أدواته.
ويبدو ان المالكي، عجز عن الجمع بين هذين الخيارين، بعد ان رفض الدكتور نجم، العمل في بيئة “العائلة المالكية” التي مهّد لها المالكي بعد تأسيس المكتب الخاص.
عيّن المالكي ابنه احمد معاونا لمدير مكتب رئيس الوزراء، كما انه تم تعيين مدير مكتب مطيع للابن “احمد”، لكي يمكنّه من السيطرة والنفوذ والطاعة العمياء له، من قبل الذين من حوله.
وهكذا، بدأ “الابن” يمارس دورا “شكليا” كمعاون لمدير المكتب، فضلا عن المهام الأساسية التي يقوم بها والتي خطط لها المالكي بدهاء، وروية.
وكان منطقيا، أن تبدأ الحرب على الكفاءات داخل المكتب، حيث شرع “احمد” في “تنظيف” المكتب من الكفاءات الذين أداروا العمل في المكتب في الولاية الأولى للمالكي.
وعمل الابن على هيكلة المكتب وفق أجندته، ووفق مبدأ الطاعة المطلقة للابن وبعد مرور أشهر قليلة استطاع الابن اعادة هيكلة المكتب؛ بحيث استطاع ان يعين اتباعه في كل مفاصل المكتب. واعتمد “الابن أحمد” في ذلك، على موافقة الأب في اقصاء كل المحسوبين على طارق نجم، وتفكيك كل الحلقات، التي بناها نجم عند توليه إدارة المكتب، وذلك من خلال نقلهم الى مواقع حكومية أخرى، أو إجبارهم على التقاعد.
كانت هذه الخطوات الإقصائية للكادر، تتم بطريقة هادئة، لكي لا تثير قيادة حزب الدعوة الإسلامية، والرأي العام.
ولكي يتجنب المالكي اعتراضات الحزب، أشاع المزاعم بان المكتب بات مترهلا، وان “احمد” يقود عملية الإصلاح فيه، لتخليصه من الترهل الذي تسبب فيه طارق نجم.
لقد انطلت هذه الخديعة على كثيرين من قيادات الدعوة، ولم ينتبه البعض منهم الى خطورة المنهج الذي يسلكه المالكي، وهو نهج يؤدي الى الدكتاتورية والتفرد وجعل العائلة فوق الحزب، وهو ما حدث لاحقا.
المهمة الثانية: السيطرة على القيادات الأمنية والعسكرية
لقد كان نوري المالكي مؤمنا بشكل مطلق، بنظرية المؤامرة، ليبرّر نزعته الى السيطرة على كل شؤون الحكم، وعسكرة الإدارة، لا سيما البيئة من حوله، معتقدا ان لا مستقبلا سياسيا له، الا بواسطة السيطرة على الجيش والقوات الأمنية.
وعلى هذا النحو، تقاسم الأب والابن، مسؤولية توسيع النفوذ في دائرة العسكر والأمن، وزرع الموالين وتجنيد الأنصار وتوظيفهم، وجعل الثقة فوق الخبرة والمهنية في توزيع المهام والمناصب والمسؤوليات.
ولتحقيق ذلك، عمد المالكي الى جعل “الابن احمد” مسيطرا على المؤسسة العسكرية والجيش، ومن خلال “حاتم المكصوصي” رئيس استخبارات وزارة الدفاع، الذي اصبح أداة “احمد” الضاربة في إدارة الجيش، فيما كانت وزارة الداخلية تحت نفوذ المالكي نفسه، من خلال عدنان الأسدي.
المهمة الثالثة: المال
عمل “الابن احمد”، من خلال موقعه على توفير المال السياسي للأب. وبدأت تتسارع وتيرة الاستحواذ على الأراضي وتأسيس المصارف وتقوية رجال الأعمال المحسوبين على المالكي.
ونشط “الابن احمد” في بناء منظومة مالية واسعة، موزعة بين بيروت وبغداد، تحت اشراف المالكي نفسه، وبصورة سرية، ومن دون علم الجميع، لاسيما الحزب.
المهمة الرابعة: تأسيس لوبي فاعل
سعى المالكي منذ توليه الولاية، الى تأسيس مجموعات ضغط تابعة له، يشرف هو شخصيا على بعضها، فيما القسم الآخر تحت سيطرة وتوجيه الابن احمد.
مجموعة “الابن أحمد” تضم كل من:
ـ عصام الأسدي، رجال الأعمال المعروف. والذي مارس لاحقا أدوارا خطيرة في إرباك عمل الدولة وسنشير الى أدواره الخيّرة، وأدواره في إفساد حلقة المالكي، في حلقة أخرى.
لكن الأسدي كان يلعب دور المنسق بين الأب والابن في حالات الاختلاف والاصطدام لثقة الأب به.
ـ ياسر صخيل، صهر المالكي، كان في بداية أمره شرطيا ثم سكرتيرا، لكن تحول الى عين وعصى لإبن المالكي في السيطرة على كثير من مفاصل الجيش وضباطه.
ـ سامي المسعودي، الذي الحقه المالكي شخصيا بالمجموعة، بعد نشاطه في افشال مشروع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في سحب الثقة من رئيس الحكومة نوري المالكي.
هذه المجموعة التي كانت تحيط بالمالكي وتنفذ أوامر الابن، كان من اخطر مهامها هي تطويع أفكار المالكي وفق أجندات الابن (احمد).
المجموعة التي يشرف عليها المالكي، تضم:
حسن السنيد، حنان الفتلاوي، فالح الفياض، عالية نصيف.
التعليقات