& وحيد عبدالمجيد

&

ربما كانت صورة إسقاط تمثال الرئيس العراقى الراحل صدام حسين فى ساحة الفردوس، فور إطاحة نظامه فى إبريل 2003، حاضرة فى أذهان المسئولين فى شرطة لندن عندما أوصوا بعدم نصب تمثال مارجريت ثاتشر فى ساحة وستمنتسر أمام البرلمان فى لندن. مازال الانقسام حاداً بشأن سياسات رئيسة الوزراء، التى حكمت بريطانيا لمدة 11 عاماً (من 1979 إلى 1990) وتُعد الأكثر شهرة منذ ونستون تشرشل. وتخشى شرطة لندن أن يكون تمثالها البرونزى هدفاً لمتظاهرين ربما يُنَّفسون بغضبهم فيه. وشاركتهم بلدية لندن مخاوفهم، وقررت رفض التمثال.

&حدث ذلك، رغم أن بريطانيا ليست العراق من حيث عمق التقاليد الديمقراطية. كما أن ثاتشر لم تتسبب فى إيذاء قطاع واسع من شعبها، واحتلال بلدها ودماره، بخلاف ما فعله صدام حسين. كما أن ثاتشر تركت رئاسة الحكومة منذ أكثر من ربع قرن، وغادرت عالمنا كله منذ نحو ست سنوات. ويعنى هذا أنه فى حال حدوث اعتداء على تمثالها سيكون رمزياً. لكن إلحاق أى أذى بتمثالها، حتى فى صورة خدوش صغيرة، ينطوى على معنى كبير فى دولة يُحترم أقل مواطن ومُقيم فيها، ولا يُسمح بالنيل من كرامته. ولعل هذا هو المنطق وراء عدم نصب تمثال ثاتشر فى المكان الذى كان مقترحاً فى لندن. لكن المسئولين فى بلدية جرانثام بمقاطعة لنكونشاير، التى نشأت فيها ثاتشر، أنقذوا الموقف وقبلوا نصب التمثال، رغم أن الشرطة المحلية أبدت تحفظها أيضاً.

غير أن احتمال خروج تظاهرة فى جرانثام أقل كثيرا منه فى لندن، أى أن المخاطرة محدودة، فى حين أن المكاسب المحلية المتوقعة كبيرة نتيجة توافد محبى ثاتشر لمشاهدة تمثالها. ولا يصح أن نغفل هنا المقارنة بين السياسيين المختلف عليهم دائماً، والعلماء الذين لا يخشى أحد على تماثيلهم. فعلى مقربة من مكان تمثال ثاتشر، يقف تمثال عالم الفيزياء والرياضيات العظيم إسحاق نيوتن فى سلام وأمان. لا يذكر أحد الآن دور نيوتن السياسى المحدود، حيث كان عضواً فى البرلمان الإنجليزى. لكن الجميع يذكرون فضله فى كشف قوانين الحركة، ومعظم مبادئ الميكانيكا الكلاسيكية.