السؤال الذي يتردد في جلسات العرب، وبخاصة الخليجيون منهم، مؤداه: هل سيعود بايدن إلى خطأ أوباما، المتمثل بدعم وتشجيع الفوضى الخلاقة، أو ما يسمى (الربيع العربي) البائس؟ الفشل الذريع الذي نتج عن هذا الربيع العربي كان شنيعًا، بالشكل الذي جعل المحللين والمراقبين يجزمون على أن أي سياسي أمريكي حصيف يذهب إلى أن مصالح أمريكا العليا تحتم عليهم أن لا يكرروا خطأهم. غير أن من يحاول أن يسبر السياسة الأمريكية في السنوات الأخيرة يلحظ أنهم لا يستفيدون من تجاربهم الماضية جيدًا، ويستخلصون منها سياسات جديدة من شأنها ترسيخ الأمن والاستقرار والسلام ومحاربة الإرهاب. كل ما نريده من الأمريكيين أن يقرؤوا بهدوء وتجرد وتؤدة تجارب الرئيس أوباما على المنطقة العربية، وبخاصة على سوريا وليبيا واليمن، التي ما زالت مسرحًا للقتل والتدمير والدماء حتى الآن. وهذه الحروب الأهلية الثلاث التي لا يبدو أنها ستنتهي قريبًا كان الرئيس أوباما باجتهاده والدبلوماسية الأمريكية حينها عنصرًا من عناصر إشعالها، كما أن سلوكيات إيران وتركيا (البلطجية) في المنطقة العربية يتحمل الرئيس أوباما مسؤولية جزء كبير منها، من خلال بعض سياساته غير المبررة. والرئيس الحالي بايدن كان نائب الرئيس في عهد الرئيس أوباما، وأغلب من يعملون معه الآن كانوا يعملون ضمن فريق إدارة الرئيس أوباما. ورغم أن الرئيس بايدن لم يمضِ عليه إلا قرابة الشهر إلا أن (اللغة) المستخدمة تجاه أغلب القضايا العربية والخليجية لا تبشر بالخير. أضف إلى ذلك أنه في حملته الانتخابية كان قد وعد بصراحة ووضوح بتحفظه على السياسة الترامبية، وأنه سيعيد مراجعتها قضية قضية. اليسار الأمريكي هو - كما يقولون - الأكثر سيطرة ونفوذًا في الإدارة الديمقراطية الحالية. ومن المعروف أن اليساريين تستعبدهم الأيديولوجيا فيهرولون وراءها أكثر من اهتمامهم بالمصالح الأمريكية العليا؛ الأمر الذي يجعل المستقبل بالنسبة للعرب غير مطمئن، خاصة للحلفاء الذين تربطهم بالولايات المتحدة علاقات تاريخية.
بالنسبة للمملكة فهي تملك أوراقًا سياسية متعددة، تستطيع من خلالها أن تحمي نفسها وحلفاءها من أي أضرار قد تلحقها. وأهم هذه الأوراق التي تملكها المملكة سيطرتها شبه الكاملة على مجريات سوق الطاقة، بالشكل الذي يجعل أي إدارة أمريكية مضطرة للتعامل معنا. والمملكة بالطبع ستتجاوب بما يخدم مصالحها الاستراتيجية والاقتصادية والسياسية.
وفي تقديري - وأرجو أن أكون مخطئًا - أن أمريكا لا أراها قادرة على كبح جماح إيران والسيطرة على سلوكياتها التوسعية والتخريبية في المنطقة؛ لأن التعامل معها بالدبلوماسية لن يوقف سلوكياتها، بينما أن الإيرانيين لا يرعوون إلا بالقوة والحزم كما يقول تاريخهم القريب؛ لذلك فإن أخشى ما أخشاه أن تستغل إيران التعامل الأمريكي المرن معها، وتتملك بالفعل القنبلة النووية. وهذا هو الخطر الحقيقي علينا وعلى المنطقة كلها.
إلى اللقاء
التعليقات