يبحث الناس عن لحظات الفرح وعن جمال اللحظة لكي يشعروا بالبهجة والسعادة التي ما إن يشعر بها الإنسان حتى تتحول كل الهموم والضيق إلى مساحة من السعة والبهجة وتمتلئ السريرة بأحاسيس جميلة وسعيدة وتمتلئ الصدور بتلك البهجة التي تنعكس على الأشخاص والأماكن. الجميع يعيش بين حالتين متداخلتين لكل منهما وقت وحال مختلف عن الآخر، أحياناً نشعر بتلك السعادة الغامرة وأحياناً نعيش الأوقات التي تضيق بها النفس بأسباب واضحة، وأحياناً تكون أسبابها غير واضحة نشعر معها بالمحدودية وكأن الأبواب أغلقت، وكلتا الحالتين طبيعيتان في حياة الإنسان. المتأمل لكل تلك الحالتين أو لتلك اللحظات والأوقات بهدوء فلن يبالغ في ضيق ولن يبالغ في الفرح بل سيعيش كل لحظة في وقتها والاستمتاع بها أو الإنصات لها، هذا يفتح نافذة وعي كبيرة في القدرة على إدارة تلك الأحاسيس والانفعالات باتزان وتعتبر هذه الشخصية الواعية والمتزنة تدرك كيف تتعامل فلا تهمل ضيق وتهرب بل تعطي كل شيء مساحة لوجوده والاعتراف به، كما تدرك كيف تستمتع وتتعامل مع لحظات الفرح ولا تؤجل تلك اللحظات الجميلة بل تستمتع دون خوف أو قلق من بكرة وهذا هو حق التوكل على الله في كل الحالات والأوقات. قوة التوكل تتيح لنا القدرة في التعامل مع الظروف وبين السبب والنتيجة وبين حرية الاختيار، هناك من يستمتع وهناك من يكون عالقاً في الضيق فترة طويلة وكلاهما حالة داخلية نعيشها مع أنفسنا. البعض يسأل هل نكتسب حالة الفرح من الخارج؟

نحن نأخذ من بعضنا فالعملية هي أخذ وعطاء في المشاعر والحب والتفاعل والتناغم والتبادل في كل شيء، لكن الأعمق أن يكون شعور الفرح والبهجة يصدر أولاً من داخلنا فهو النبع الأول إن امتلأ استطعنا التعامل مع الخارج وهنا تأتي أهمية التوازن بين قناعاتنا وماذا نريد، والقدرة في التعامل في حالة الربح والخسارة، وأهمية استشعار اللحظة فنكون يقظين ومدركين لحالة الشعور التي نحن فيها.