توفي بالأمس السيد أحمد عبد الوهاب، نائب الحرم، رحمة الله عليه.

غادرنا بعد صراعٍ طويلٍ مع المرض. كان سيداً بكل معنىً للكلمة، نسباً وفعلاً ومقاماً.

عرفته منذ نشأتي، أخاً وصديقاً. ظريف المعشر، كريم الخلق، وفيَّ القول، صاحب طرفة. مشرعاً باب داره لكل طارق وماداً سفرة غدائه لكل زائر.

والده، رحمة الله عليه، مثَّل الحجاز في مجلس الأعيان في العهد العثماني وحمل لقب نائب الحرم من حينه. ثم عمل في عدة مناصب في العهد السعودي، وكان من الكوكبة من مواطني مملكة الحجاز ومملكة نجد الذين طالبوا المرحوم الملك المؤسس أن يضمهما لتصبحا المملكة العربية السعودية.

عندما توفي السيد عبد الوهاب نائب الحرم وكان ابنه أحمد صغير السن، شمله المرحوم الملك فيصل برعايته فنشأ وترعرع في كنفه. وأصبح السيد أحمد ملازماً له، قبل وبعد أن تشرف بخدمة الدولة رئيساً للمراسم الملكية. بدايةً نال تعليمه في مكة المكرمة ثم أكمل تعليمه في مصر، وفي شبابه كان يرافق والدتي في سفرها ثم تولى الإشراف على متابعة دراسة أختي الصغرى مني في سويسرا.

وعندما عين رئيساً للمراسم الملكية استحضر جميع المعلومات عن هذه المهنة من أرقى الدول وطور نظامها، آخذاً ما يناسب تقاليد وعادات الوطن نبراساً له. كلفه المرحومون الملوك الذين عمل تحت رايتهم مهام سرية في بعض الأمور إضافة لعمله، وكان كاتماً للسر لا يبوح بما لديه في عمله إلا بما هو مسموح له أن يبوح به فكان خير من نال ثقتهم.

رحمك الله يا سيد أحمد، وجزاك الله خيراً عن كل مأزوم أوصلت شكواه لملوكك، وعن كل ابتسامة رسمتها على كل شفاه ابتسمت لطرفة قلتها ودعابة فعلتها.