يتميز العمل الثقافي أنه تراكمي ومع مرور الزمن يزداد نضجا وتألقا وهذا ما منح قبيلة المثقفين وممارساتهم الثقافية والمتابعين لها جسرا من التواصل للمتعاطين مع الشأن الثقافي. هذا الجسر هو جواز سفر المرور للعالم الآخر عبر نافذة الإبداع في شتى المجالات.

تعيش العاصمة السعودية منذ بضعة أيام نشوة عارمة بعد تدشين معرض الكتاب الدولي 2022، الذي جاء هذا العام مختلفا ومتوجا بنجاحات مبهرة، ومؤكدة أن التجارب السابقة أسهمت في هذا التميز، حتى يكون كرنفالا رائعا ومصدرا للعالم أجمع لأهم إبداعات السعوديين لتكون مطمعا للمتلقي.

المبهج في معرض هذا العام أنه احتوى على تنوع مدهش يلبي ذائقة جميع أطياف المجتمع وبجميع الفنون السبعة، ما أعطى الزائر حيرة ملهمة "أيها أتابع!". هذه التعددية الثقافية أسهمت في أن يكون المعرض فسحة ثقافية ليس على حساب المثقفين وحدهم، بل لجميع أفراد الأسرة فقد كان الطفل حاضرا وبقوة.

تميز المعرض أيضا بالإصدارات النوعية وتعدد دور النشر خصوصا أن المساحة ضخمة ويحتاج الزائر إلى بضعة أيام لاكتشاف جزء من كمية العروض. كما أن الندوات التي صاحبت المعرض كان لها صدى كبير، ومن أهمها ما طرح حول وضع كتاب الرأي في الصحافة السعودية، ومدى تأثيرهم مقابل ثورة التواصل الاجتماعي وتوقع البعض بأنه خلال الأعوام المقبلة سيكون كتاب الرأي في قائمة الندرة!

هذه التظاهرة الثقافية جعلت من الرياض بوصلة المعارض الدولية للكتاب بشهادة أصحاب دور النشر وعدد الزوار، وأصبحت مهوى عقول وقلوب الناس ينتظرها الناس كل عام. بالمختصر عظيم الشكر لوزارة الثقافة وأخص هيئة الأدب والنشر والترجمة التي صنعت الفارق ورشت عطر الثقافة على بلادنا.