ينشغل المواطن العراقي هذه الايام بمتعة كاس العالم ، فما ان تنطلق صفارة بداية المباريات حتى تجد الجميع في انتظار من سيكون صاحب الهدف الاول . ورغم ان مونديال قطر يطغي على جميع اهتمامات العالم ،

إلا ان هناك مونديال محلي تدور مبارياته في العراق اسمه " مونديال مجالس المحافظات "، فمنذ ايام يدور جدل كثير حول عودة مجالس المحافظات، وخرج علينا السيد نوري الماكي ليعلن أن جميع المحافظين سيتم تغييرهم، وأن منصب المحافظ سيمنح وفقاً للاستحقاقات الانتخابية، خلاصة القول عند السيد نوري المالكي أن الكعكة يجب أن تُقسّم تحت إشرافه، وأن المحاصصة باقية وتتمدد، وأن الأحاديث "الوردية" عن الكفاءة والنزاهة وخدمة المواطن مجرد شعارات تنفع في أيام الانتخابات السوداء ..

إذا سألتني رأيي، فأنا أيضاً مثل ملايين المواطنين لا نعرف؛ لماذا؟ وأيضا لا ندري سر هذه المحاصصة التي ننام ونصحو عليها، والتي تكشف كل يوم زيف بعض القوى السياسية التي رفعت لواء الكفاءات، وصدّعت رؤوسنا بحديث عن المهنية لكنها أمام تقاسم السلطة آثرت أن تنضمّ إلى عالم المحسوبية السياسية.

أتساءل: لماذا يصرّ البعض من ساستنا ومسؤولينا على أن يتحول إلى خطيب "مفوه" عندما تسأله عن الخراب الذي يمر به العراق؟، فيصرخ بوجهك: لا حل إلاّ بأن يتولى الحزب الفلاني مسؤولية هذه المحافظة، فيما آخر يطالب بأن يتسلم الحزب العلاني مسؤولية تلك المحافظة ، لأن هؤلاء وحدهم القادرون على السير بهذه المحافظات إلى بر الأمان.. الساسة "المتحاصصون" يتصورون أن العيش في ظل حكاية " كنز علي بابا " أفضل من بناء دولة مؤسسات.

أن نصرّ على إعلاء شأن المحاصصة حتى مع الفاشلين، فهذه سمة الخراب لا فتح أشرعة المستقبل. نحن ياسادة في مأساة اسمها "فاشلي المحاصصة" الشعوب تعطي لي كوان ومهاتير محمد، ولولا دا سليفا ونختار رجال المحاصصات.. نطارد الكفاءات في أروقة المحاكم، ونتظاهر من أجل أن يبقى الفاشلون.

هل هي مصادفة أن عدد آلهة البابليين القدماء اقترب من الرقم 300 كما تخبرنا كتب المثيولوجيا؟، للشمس إله، وللقمر إله وللحرب إله ـ وللحبوب إله، والغريب أن للصخور الأرضية كان هناك إله اسمه "ننخر ساج "، حتى للفضائيين كان هناك إله اسمه "بازوزو".

لست مطالباً بأن أكتب بحثاً عن سنوات الخراب، أنا لا أملك سوى هذه الشرفة المتواضعة التي أريد أن أقول من خلالها، إن مثل هذه الألاعيب هي المسؤولة عن ما فقدنا من نفوس وثروات وعن الزمن الذي أضعناه في صراع انتهازي وصل إلى كرسي الفرّاش، وعن الدعوة إلى نبذ العلم ومطاردة الكفاءات، والخروج من سباق التنمية ومنافسة بلدان العالم المتحضر.