جزيرة العربية هي مهد الدين الإسلامي ومهد الدولة الإسلامية، على هذا فإن المملكة العربية السعودية تعتبر امتداداً للدولة الإسلامية التي قامت على هذا الإقليم قبل أكثر من أربعة عشر قرناً.

والملك عبد العزيز اعتمد على الإسلام رسالة البيت السعودي وسبب علوه ومجده وأساس حكمه، فجاهد من أجل إعلاء كلمة الله وتمسك وعمل بها فكان له النصر المبين.

وثمة حقيقة اجتماعية تتمثل في ارتباط أهالي شبه الجزيرة العربية بمصالح وأهداف مشتركة تستند إلى خصائص ومقومات مشتركة تتمثل في وحدة الدين والأصل واللغة والتاريخ مما يجعل من أهالي المنطقة وحدة لها كيانها الذي يميزها ويولد لدى أفرادها الإحساس بانتمائهم إلى أمة واحدة تتوافر لها خصائص ومميزات الأمة.

لهذا عندما قام الملك عبد العزيز بتوحيد معظم أجزاء شبه الجزيرة العربية تحت راية الإسلام نجح في تحقيق هذه الوحدة نظراً لأنه وجد الرضا والاستجابة من جانب سكان الجزيرة العربية على الانصهار في كيان موحد يربطهم الإحساس المشترك بالانتماء والإحساس بشعور المواطنة والمحبة المتبادلة.

وبذلك نشأت الدولة كثمرة لهذا التفاعل والانصهار الاجتماعي والرغبة في تحقيق غايات مشتركة أحس الناس بضرورتها للدفاع عن دينهم وأرواحهم ومصالحهم وتحقق للدولة الناشئة القوة والاستقرار بفضل أهدافها في تطبيق الشريعة الإسلامية وتحقيق الرفاهية لشعبها.

ويعتبر توحيد معظم أجزاء شبه الجزيرة العربية الخطوة الأولى في طريق تحقيق عملية البناء الوطني في المملكة العربية السعودية حيث تمكن الملك عبد العزيز من إزالة الحواجز الجغرافية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية التي كانت تفصل بين مواطني معظم أجزاء شبه الجزيرة العربية وأن يقرب المناطق المختلفة بعضها من بعض بواسطة ربطها بشبكة اتصالات وشبكة مواصلات بواسطة عمليات النقل والانتقال الاجتماعي التي اتبعها لتحقيق عملية الاتصال الاجتماعي وبالتالي تحقيق الانصهار الوطني بين الأفراد والجماعات في المناطق المختلفة.

وتأتي قصة اكتشاف النفط التي اختلط بها الأمل واليأس إنها قصة مثيرة بكل المعايير، إنها قصة التنقيب عن الذهب الأسود (البترول) في المملكة العربية السعودية التي تعود إلى عام 1922عندما كلفت النقابة الشرقية الإنجليزية (ايسترن آند جنرال سنديكيت) (The Eastern General Syndicate) ممثلها لدى البحرين المغامر فرانك هولمز (Frank Holmes) البريطاني لبحث إمكانية حصولها على حق امتياز التنقيب عن النفط في المملكة، وفي نوفمبر 1922م قابل هولمز الملك عبدالعزيز رحمه الله في مدينة الهفوف.

وفي مايو عام 1923م سافر هولمز إلى الرياض لمقابلة الملك عبدالعزيز حيث تم التوصل إلى اتفاق التنقيب عن النفط في منطقة الأحساء.

وقد استقدم هولمز الذي كان معروفاً عند أهل الخليج العربي بـ (أبو النفط) الخبير الجيولوجي السويسري د. آرنولد هايم Arnold Heim للتنقيب عن النفط بغرض مسح المنطقة وقدم Heim تقريراً ينفي فيه وجود بترول، وأن التنقيب عن الذهب الأسود في الأحساء يعد مغامرة هنا تبدد أمل فرانك هولمز.

ورغم فشل الاتفاق مع شركة (ايسترن آند جنرال سنديكيت) وخيبة أمل الميجور هولمز، إلا أن الملك لم يترك مشروعه الحضاري وإنما فتح الباب أمام المستثمرين الآخرين فاستشار (هاري سانت جان بريدجر فلبي) Harry st. john philby الذي اعتنق الإسلام في أغسطس 1930 وقد رشح فلبي للملك عبد العزيز المليونير الأمريكي تشارلز كرين (Charles R.Crane) وكان وصوله في أواخر فبراير عام 1931.

وقد رحب الملك عبد العزيز بآراء كراين وقد أحضر الأمريكي توتشل (Twitchell K.s.) الخبير في التعدين على حسابه الخاص ليقوم ببعض الدراسات الجيولوجية.

وقد كان اكتشاف بابكو وهي شركة تابعة (لسوكال) البترول في الجارة البحرين في مايو عام 1932 على عمق 670 متراً تقريباً كان عاملاً هاماً زاد من شهية الشركات الأمريكية، مما شجعها على دخول حلبة الصراع النفطي على أراضي المملكة للفوز بامتياز النفط.

هنا بدأ التنافس والصراع بين الشركات الأمريكية والبريطانية على التنقيب عن النفط في المملكة ودام صراع التنافس فترة قصيرة انتهي باختيار الملك عبدالعزيز للشركة الأمريكية «ستاندرد أويل أف كاليفورنيا (سوكال)» بعد مفاوضات مطولة للفوز بامتياز التنقيب رغم تقدم شركة بترول العراق البريطانية بعرض للحصول على امتياز التنقيب إلا أن الملك عبدالعزيز فضل عرض الشركة الأمريكية لإيجاد نوع من التوازن السياسي والاقتصادي لصالح المنطقة برمتها.

وقد كان اجتماع لندن بتاريخ 13 يناير 1933 بين توتشل مهندس التعدين وهاملتون ولمباردي نقطة هامة على طريق عقد اتفاقية النفط بين المملكة وشركة ستاندرد أويل أف كليفورنيا (سوكال) حيث تم وضع اللمسات الأخيرة على اتفاقية التنقيب عن البترول في المملكة.

وبعد الاستماع لمواد اتفاقية جدة التاريخية الـ (37) التي قرئت جهراً في اجتماع المجلس الاستشاري في مكة المكرمة، وجّه الملك عبد العزيز وزير المالية آنذاك الشيخ عبد الله السليمان بالتوقيع على الاتفاقية قائلاً: (توكل على الله ووقع)، ووقع السليمان ولويد هاملتون محامي شركة سوكال المفوض على الاتفاقية الشهيرة في 4 صفر 1352هـ الموافق 29 مايو 1933م حيث شهدت مدينة جدة توقيع اتفاقية الامتياز بين المملكة العربية السعودية وتلك الشركة للتنقيب عن البترول واستغلاله في المنطقة الشرقية، التي أصبحت سارية المفعول اعتباراً من 20 ربيع الأول 1352 هـ الموافق 14 يوليو 1933م.

هذه الوثيقة التي صيغت بنودها بإحكام وبساطة، والتي اشترطت على سوكال أن تبدأ التنقيب عن الزيت خلال ثلاثة أشهر، وأن تبدأ الحفر خلال سنوات ثلاث، وقد اشترطت اتفاقية الامتياز على سوكال الشروع في العمل في المملكة بحلول نهاية سبتمبر من عام 1933م.

والجيولوجيون منهمكون في عملهم في الصحراء في أوائل نوفمبر 1933 جاءت ولادة (كاسوك) لتضم جميع أعمال الشركة في المملكة لفرز العمليات في المملكة عن تلك الجارية آنذاك في البحرين، حيث أخذ باقتراح لمباردي وأطلق على الشركة الجديدة اسم كاليفورنيا أرابيان ستاندرد أويل كومباني (California Arabia Standard Oil Company ) التي عرفت باختصار باسم (كاسوك Casoc) وتم تأسيس الشركة الجديدة في ولاية ديلاوير في 8 نوفمبر 1933.

وبعد التوقيع على الاتفاقية كونت «سوكال» شركة خاصة للتنقيب عرفت باسم شركة كاليفورنيا أريبيان ستاندردأوف أويل (كاسوك) وفي عام 1936م انضمت شركة تكساس للبترول (Texas oil) (تكساكو حالياً) إلى الاتفاقية وحصلت على نصف ملكية كاسوك وفي 31 يناير عام 1944 استبدل اسم (كاسوك) إلى شركة البترول العربية الأمريكية Arabian American والمعروفة باسم (أرامكو) Aramco.

وبذا تكون شركات النفط الأمريكية قد شقت طريقها نحو الاستثمار البترولي في المملكة ولتفوز على شركات النفط البريطانية في حلبة صراع اقتصادي نفطي جديد.. وأكد هذا عبقرية وحكمة وبعد نظر الملك عبدالعزيز وفهمه العميق ونظرته الاقتصادية والسياسية لمستقبل بلاده.

وقد شرع المسؤولون التنفيذيون في شركة ستاندرد أويل أف كاليفورنيا في الاستعداد لاستكشاف مناطق الامتياز الواسعة، وقد نزل الفريق الأول من الجيولوجيين في الجبيل على ساحل الخليج العربي، ففي 23 سبتمبر 1933 وصل إلى ميناء الجبيل أول اثنين من جيولوجيّي سوكال وهما ميلر وشويلر ب (كروج) هنري Henry « krug». BSchuyler يرافقهما توتشل واستقلت المجموعة سيارتين كان تويتشل قد استأجرهما في جدة، ثم توجهت القافلة إلى الخليج عبر الصحراء، لكن السيارات غاصت في الرمال في يومها الأول في المملكة، مما اضطر أفراد المجموعة إلى ركوب الجمال (سفينة الصحراء) وسط ذهول السكان الذين أقبلوا لمشاهدتهم.

ومرة أخرى تعود (سفينة الصحراء) إلى الواجهة لتدعم عملية استكشاف النفط، فعندما وصل كل من آرت براون Art Brown وتوماس كوخ (Tomas KOCK) الجيولوجيان اللذان يعملان في سوكال وأربعة من السعوديين من البحرين في 10 نوفمبر 1933 لإجراء تجربة عبر الصحراء الرملية بين العقير والهفوف، سرعان ما غاصت الشاحنات في الرمال حتى محاورها مما اضطر الجيولوجيين إلى تركها في العقير وبعد تقييم الوضع بسرعة لجأ الجيولوجيون مرة أخرى إلى استخدام الجمال في حمل الأثقال عبر الصحراء.

وقد تطورت وسائل النقل بعد ذلك وزاد عدد الجيولوجيين ففي عام 1933 أخذت الفرق الجيولوجية تستقر في المملكة وأدخلت وسيلة الطيران للقيام بأعمال المسح من الجو اعتباراً من شهر إبريل 1934م. وكانت مجهزة بفتحة من أسفلها لالتقاط الصور إضافة إلى نوافذ من الممكن إزاحتها من الجانبين للغرض نفسه ومزودة بخزان ضخم للوقود وعجلات للتحكم للهبوط والإقلاع من وعلى الرمال، واستطاع طاقم الطائرة في موسم واحد من إنجاز ما كان يحتاج إلى سنوات لإنجازه على الأرض فمع حلول يونيو 1934م كان قد تم تصوير ورسم خرائط لمساحات شاسعة شملت القطاع الساحلي كله من رأس السفانية إلى ما قبل سلوى كما حلقت الطائرة بطلعات استكشافية بين بيرين في الشمال والصفا في الغرب كما وتمكن طاقم الطائرة في ربيع عام 1934م من رصد جميع مناطق الإنتاج التي اكتشفتها الشركة خلال السنوات العشر الأولى من وجودها.

وفي 28 سبتمبر 1933 أجرى هنري وميلر فحصاً سريعاً للقبة الجيولوجية التي شاهدها فريد ديفيس من البحرين عام 1930م، وشرع هنري يساعده (سوك هوفر) (R.Soak Hoover) وهو جيولوجي أيضاً في تنفيذ أعمال مسح مفصلة على القبة إثر وصوله في 22 أكتوبر، وأطلقا عليها اسم (قبة الدمام) وهو اسم قرية صغيرة لصيد الأسماك تقع شمال التشكيل.

واستمر التنقيب الجيولوجي في المنطقة وبعد أشهر قليلة حولت (سوكال) الامتياز إلى شركة (كاليفورنيا أريبيان ستاندرد أويل (كاسوك) CASOC وأدت أعمال التنقيب الأولى إلى اكتشاف تكوينات جيولوجية تشير إلى احتمال وجود الزيت فيها وقد أطلق على هذه التكوينات فيما بعد «قبة الدمام» فتقرر حفر أول بئر تجريبية فيها وشرع بالحفر التجريبي لبئر الدمام الأولى في 26 محرم 1354هـ الموافق 30 إبريل 1935م إلى عمق 3200 قدم، ثم هجرت بعد أن عثر فيها على كمية ضئيلة من الزيت والغاز، بعد ذلك حفرت تسع آبار أخرى في طبقة البحرين (الطبقة الأرضية المنتجة للزيت في البحرين) إلا أن النتائج كانت مخيبة للآمال.

وفي أغسطس عام 1935م ومع الاقتراب من عمق الطبقات الحاملة للزيت في البحرين (نحو 610) أمتار بدأ الزيت بالظهور في بئر الدمام، ومع أن الكمية الناتجة لم تكن بالمعدلات التجارية التي كانوا يرجونها (وهي حوالي ألفي برميل في اليوم)، إلا أنها كانت كافية لإثبات أن الزيت موجود وفي شهر سبتمبر من نفس العام وعلى عمق 590 متراً تقريباً تدفق الزيت بمعدل يقارب الـ 100 برميل في اليوم لكنها بقيت دون مستويات الإنتاج التجاري وفي فبراير 1936 وعندما بدأ الحفر في البئر رقم 2 تبين أنها أفضل من سابقتها من حيث وفرة الزيت وفي يونيو وعلى عمق 3800 متر بينت إحدى التجارب تدفق الزيت بمعدل يزيد على 3800 برميل في اليوم من البئر قبل أن تسد مؤقتاً لعدم وجود خزانات كافية لاستيعاب تلك الكمية الكبيرة من الزيت وما بين عام 1934 - 1935 تم حفر الآبار من 3 - 6 لاختبار احتمالات وجود الزيت في تشكيلات قبة الدمام.

إلا أن اليأس سرعان ما طغى على التفاؤل بإنتاج البترول بكميات تجارية إذ بدأ إنتاج الزيت في الآبار التي حفرت يتناقص بئراً تلو الأخرى، فحتى البئر رقم 2 التي كانت مثاراً لكثير من التفاؤل هبط إنتاجها هبوطاً حاداً رغم الاستمرار في تعميقها، واستقر عند مستوى بضع مئات من البراميل في اليوم واستمر حفر البئر رقم 4 إلى عمق 710 أمتار، لكنها لم تنتج قطرة زيت واحدة، رغم ملايين الدولارات التي أنفقتها (كاسوك) وعشرات الخبراء ومئات الموظفين من السعوديين والأمريكيين العاملين في حقل التنقيب والاستكشاف، وهنا زادت حدة وتيرة يأس سوكال من وجود الزيت، ولذا بدأ الشك يساور مسؤولي شركة سوكال ومخاوفهم بدأت تزداد من فشل مغامرتهم على رمال صحراء المملكة لاستكشاف النفط.

الخبر السعيد: وجاء الخبر السعيد ففي 4 مارس 1938م وصلت إلى مقر الشركة برقية عاجلة تعلن أن البئر رقم 7 بدأ إنتاج النفط بكميات تجارية فعمت الفرحة الجميع وناموا في سان فرانسيسكو وفي حقول البترول تلفهم السعادة وعلى الفور أعلنت سوكا أن بئر الدمام رقم 7 ينتج 1938 برميلاً في اليوم على عمق واحد ونصف الكيلو متر تقريباً، وقد استمرت عمليات الاختبار إلى أن أصبحت البئر تنتج ما يزيد على الـ 100000 برميل في اليوم وخلال مدة قصير تم تعميق البئر 2 و 4 إلى المستوى نفسه، واكتشف الزيت فيهما أيضاً.

هنا تأكد وجود الزيت بكميات تجارية في المملكة، وفي سبتمبر 1938م بدأت الشركة في شحن الزيت بالصنادل إلى مصفاة بابكو في البحرين.

وفي 16 أكتوبر 1938م أعلنت كاسوك للحكومة السعودية رسمياً أنها بدأت الإنتاج التجاري من النفط السعودي الذي طال انتظاره بكميات كبيرة فانتعشت الآمال وكان ذلك في شهر محرم 1357 هـ الموافق مارس 1938 م، وقد أطلق على تلك المنطقة التي اكتشف فيها الزيت اسم «المنطقة الجيولوجية العربية».

وعلى الفور أبرق بالخبر السعيد للملك عبدالعزيز ونقلت عينة من بترول بئر الخير (البئر السابعة) إلى الملك عبدالعزيز الذي شمر عن ساعديه وأخذ يقلب بأصبعه الزيت الذي نقل في (تنكة) فحمد الله وأثنى عليه الذي منّ على البلاد والعباد بهذه النعمة وقد جاء الخبر لينهي فترة مالية عصيبة عانتها المملكة خاصة خلال فترة الأزمة الاقتصادية التي عصفت بالعالم أجمع آنذاك.

ويعد الثاني من محرم 1357هـ الموافق للثالث من مارس سنة 1938م عندما تحقق أول اكتشاف بترولي بالمملكة وتدفق الزيت من بئر الدمام السابعة، نقطة التحول في تاريخ الشركة، وانطلاقة لقيام صناعة الزيت في المملكة وهذا يعد إنجازاً اقتصادياً مهماً قام به الملك عبدالعزيز بعد أن حقق توحيد معظم أجزاء الجزيرة العربية لبناء الصرح الاقتصادي لبلاده من أجل سعادة ورفاهية الوطن والمواطن لبناء اقتصاد متين للأجيال الحاضرة والمستقبلية وقد كانت البئر السابعة أول بئر منتجة للزيت في المملكة.

وفي 1 مايو 1939م، واحتفالاً بتحميل أول ناقلة زيت في رأس تنورة، أدار الملك عبد العزيز شخصياً الصمام الذي سمح بتدفق الزيت إلى ناقلة سوكال «دي. جي سكوفيلد Scofield.G.D» كان الاحتفال مناسبة عظيمة حضره كبار الأمراء وأفراد العائلة المالكة، بالإضافة إلى مسؤولين حكوميين بارزين آخرين على رأسهم وزير المالية الشيخ عبد الله السليمان.

وحين أدار الملك عبد العزيز الصمام لبدء تدفق الزيت، كان عملياً ونظرياً يربط شعبه المتطلع للرخاء بركب العالم الصناعي وبأن البترول السعودي سيعود على السعوديين بالثروة والخير الوفير والحياة الأفضل.

وفي شهر يناير 1947 قام الملك عبد العزيز رحمه الله بزيارة أخرى لشركة أرامكو واستقبل حوالي (200) من موظفي الشركة من الجنسية الأمريكية وأسرهم وتبادل معهم أحاديث مباشرة ودية، وتلا تلك الزيارة الملكية عام 1948 تطور هام في ميدان البترول في المملكة حيث تم في ذلك العام في عهد الملك عبد العزيز رحمه الله انضمام شركة (ستاندرد أويل أف نيوجرسي وشركة سكوني فاكيوم أويل (اللتين تحملان حالياً اسم اكسون موبيل) إلى شركتي سوكال وتكساسو (شيفرون حالياً) في ملكية أرامكو.

ومن عصر النفط إلى زمن تنويع مصادر الدخل للحد من اليد العليا للنفط، فعهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز شهد ويشهد تطوراً سريعاً في صناعة تنويع مصادر الدخل، وقد جاءت الرؤية 2020 - 2030 ليصبح لها القدح المعلا في هذا التنويع ليس فقط في المجالات الاقتصادية والاستثمارية، ولكن في جميع المجالات لخلق قيمة مضافة إلى حجم الاقتصاد ليبلغ الناتج المحلي الإجمالي النسبة الكبرى الذي تهدف إليها الرؤية، ورفع متوسط نصيب الفرد من الناتج الإجمالي لسكان المملكة البالغ (35) مليون نسمة والتي تخطط الرؤية لزيادة عدد سكان الدولة الرئيسية وفي مقدمتها الرياض العاصمة.

الرؤية صاحبة (التنويع) مهندسها ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وقد جاء ميلادها الشهير بعد أن مرت البلاد منذ السبعينيات من القرن المنصرم بعدد غير قليل من الخطط التنموية لتأتي الرؤية لتضعها في رؤية واحدة، وهذا بعد أن خضعت تلك الرؤية لدراسات معمقة عن الواقع النفطي والاقتصادي والاجتماعي والبنية الأساسية وواقع الاستثمار والتعليم والصحة وجميع جهات الدولة السيادية، الخدمية، الاقتصادية، الإدارية.

هذه الرؤية صاحبة الأهداف الكبرى بدأت بشائرها تظهر على الواقع المعاش في بلاد الحرمين الشريفين ومنها بالطبع مشروع نيوم الواسع، مشروع القدية، حديقة الملك سلمان، مشروع الداون تاون في العاصمة الرياض، وكل هذه المشاريع العملاقة تعلن بجلاء عن مرحلة جديدة في تاريخ اقتصاد البلاد ليدخل عالم تنويع مصادر الدخل من أوسع أبوابه.

وعلى نفس النهج يأتي مشروع البحر الأحمر، مشروع جبل عمر بالعاصمة المقدسة، مشروع مترو الرياض ومترو جدة، وكل هذه المشاريع ماهي إلا أمثلة كبرى لمشاريع قادمة إن شاء الله سترفع رأسها عالياً إلى جانب أخواتها المشاريع التي سبقتها تحت عباءة الرؤية.

ويمتد العطاء ليشمل توسيع رقعة (التنويع) فالحج والعمرة والزيارة والسياحة ماهي إلا مشاريع شملها ويشملها التطور الإداري والمالي لتصبح خيراً على البلاد والعباد.

وهذه المرأة السعودية تشارك أخاها المواطن السعودي جنباً إلى جنب في دعم عجلة ميدان العمل ففتحت لها الدولة الأبواب على مصراعيها، وهذا العنصر البشري هو صانع التنمية المستدامة والداعم للاقتصاد والاستثمار في القطاعين العام والخاص.

وبكلمة مختصرة إنها قرارات جريئة اتخذها قادة بلاد الحرمين الشريفين لصناعة حاضر ينعم بالرفاه ومستقبل واعد بالخير والنماء والتطور في جميع المجالات.

والله ولي التوفيق،،،