لا توجد حقيبة تنافس الحقيبة الدبلوماسية إلا الحقيبة النووية، التي ظهرت مؤخرًا مع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين وأثارت فضول الناس.

أما الحقيبة الدبلوماسية فهى الحقيبة التي تتبادل بها وزارات الخارجية في العالم رسائلها مع سفاراتها في الخارج، وهى حقيبة محكومة بقواعد ومبادئ متعارف عليها بين الدول.

ولكن الحقيبة النووية شىء آخر تمامًا لأنها ليست موجودة إلا في دول معدودة على أصابع اليدين في العالم، وهذه الدول المعدودة هي التي تملك سلاحًا نوويًّا، ويستطيع صانع القرار فيها أن يتحكم آليًّا من خلال الحقيبة الدبلوماسية في إطلاق الأسلحة النووية التي تملكها بلاده.

وأكثر الدول التي يتردد فيها الحديث عن هذه الحقيبة هي الولايات المتحدة الأمريكية، ربما بحكم أنها القوة الأولى في العالم عسكريًّا، وربما لأنها تملك من الأسلحة النووية ما لا تملكه دولة أخرى، وربما لأنها الدولة الوحيدة التي استخدمت هذا السلاح في الحرب العالمية الثانية، فضربت مدينتى هيروشيما ونجازاكى في اليابان، ودمرت البشر فيهما والحجر!.

وعندما زرت هيروشيما، قبل سنوات، رأيت فيها ما يمكن أن يفعله السلاح النووى في الناس، وكان مما رأيته قطعة من الحجر يحتفظون بها لأنها خليط متجمد من الحجر ولحم البشر معًا.. وكان مما رأيته أيضًا دراجة لطفل صغير، وقد احترق هيكلها، كأنك أدخلتَها في فرن حتى أكلتها النار.. وإلى جوار الدراجة رأيت هناك ساعة منبه توقفت عقاربها في اللحظة التي نزلت فيها القنبلة على المدينة فأحرقتها عن آخرها، وكان ذلك في تمام الثامنة والربع من صباح الإثنين ٦ أغسطس ١٩٤٥!.

أما بوتين فكان قد زار منطقة خيرسون الأوكرانية التي احتلتها بلاده، وكان برفقته رجل يحمل حقيبة، وكان الرجل يمشى وراءه ولا يفارقه في كل مكان.

وتساءل الناس: مَنْ هذا الرجل، وماذا في حقيبته؟!.. وكان الرد من الكرملين أنه مساعد للرئيس الروسى، وأن حقيبته التي في يده هي الحقيبة النووية، وأنها محطة محمولة للتحكم الآلى في الأسلحة النووية الروسية، وأن ضغطة على زر فيها كفيلة بتحويل العالم أو مناطق فيه إلى جهنم.

وهى حقيبة تتبع الرئيس الأمريكى مثل ظله، ويتسلمها كل ساكن جديد للبيت الأبيض من الساكن السابق عليه، ولا ينام الرئيس إلا وهى في متناول يده!.