في التاسع من ربيع الآخر 1444هـ الثالث من نوفمبر 2022م أعلن الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة -حفظه الله- إطلاق شركة «سير»، كأول علامة تجارية سعودية لصناعة السيارات الكهربائية في المملكة، تماشياً مع استراتيجية صندوق الاستثمارات العامة التي تركز على تمكين القطاعات الواعدة لتنويع مصادر الاقتصاد السعودي، وفقاً لاستراتيجية رؤية 2030، بما يتواءم مع توجهات المملكة في خفض انبعاثات الكربون والمحافظة على البيئة تعزيزاً للتنمية المستدامة.

إن هذا الحلم المتمثل في إطلاق علامة تجارية سعودية لصناعة السيارات، يعد نقلة نوعية في توطين الصناعات الكبرى، وفتح آفاق جديدة لجيل من الشباب الواعد للدخول في عالم الصناعة، ومن ثم تصدير إنتاج الأيدي العاملة السعودية، لنرسم بأحرف من نور شعار «صنع في السعودية»، تلك الطفرة تساهم في تمكين قطاعات استراتيجية متعددة تدعم تطوير المنظومة الصناعية الوطنية، وتسهم في جذب الاستثمارات المحلية والدولية، الأمر الذي من شأنه استحداث العديد من فرص العمل للكفاءات المحلية، وتوفير فرص جديدة للقطاع الخاص، وزيادة الناتج المحلي الإجمالي للمملكة خلال العقد المقبل بما يعادل 30 مليار ريال (نحو 8 مليارات دولار) تقريباً، مع توفيرها لـ30 ألف وظيفة بشكل مباشر وغير مباشر بحلول عام 2034، وذلك تحقيقاً لاستراتيجية صندوق الاستثمارات العامة في المساهمة بدفع عجلة النمو الاقتصادي تماشيا مع رؤية 2030»، إضافة لجذب استثمارات أجنبية في مراحل التصنيع الأولى بقيمة 562 مليون ريال.

يحدونا الأمل أن تظهر بواكير الإنتاج لأول سيارة كهربائية سعودية في السوق المحلية مع نهاية عام 2023م، فما أحوجنا إلى هذا الإنجاز العالمي، في الوقت الذي نشاهد الطرق السعودية تعج بسيارات الهجين، أي التي تستخدم البنزين والكهرباء، إضافة إلى القليل من السيارات الكهربائية بعلامات تجارية عالمية.

لدي يقين أن هذه السيارة ستكون علامة تجارية عالمية، حيث يتم تزويدها بإمكانات هائلة، وبأنظمة تقنية متقدمة، كخاصية القيادة الذاتية، في المملكة ومنطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك سيارات السيدان وسيارات الدفع الرباعي، خاصة أن صندوق الاستثمارات العامة أبرم العديد من الشراكات مع أكبر المصنّعين العالميين للسيارات؛ لتحقيق هذا الحلم، المخطط أن يرى النور عام 2025م، وإن كنت آمل أن تشهد نهايات هذا العام 2023م باكورة الإنتاج ولو على سبيل التجربة.

إن مساهمة المملكة في إنتاج سيارة كهربائية يؤكد المساعي السعودية وجهودها لمواجهة مشكلة التقلبات والتغيرات المناخية، والقضاء على التلوث، وتنويع مصادر الدخل، وتحقيق قيمة مضافة من الصناعات البترولية، والاستثمار في الطاقات البشرية الهائلة، والمنافسة مع كبريات الشركات العالمية في إنتاج سيارات صديقة للبيئة عالية الجودة، إلا أن هناك تخوفاً ينتابني، يتمثل في إنتاج سيارة عالية التقنية، ومن ثم عالية التكلفة، مما يحرم شرائح كبيرة من اقتنائها في السوق المحلية، وثقتي كبيرة في صانع القرار، أن تكون هناك موازنة بين التقنية العالية وتكلفتها الباهظة، والتعاطي مع معظم شرائح الجمهور، كيف تتم هذه المعادلة؟ سنرى وكلي ثقة.