بعد انتهاء معركة التجديد لقوات "اليونيفيل" في مجلس الأمن، بانتصار وجهة النظر المتشددة تأييداً لحرية تحرك القوات الدولية في الجنوب واستقلاليتها، وصدور القرار رقم ٢٦٩٥، اتهمت بعض وسائل الإعلام التابعة لـ"حزب الله" دولة الإمارات العربية المتحدة بأنها "تآمرت على لبنان" خلال المواجهة التي حصلت في نيويورك.

وكان لافتاً أن تأتي هذه الاتهامات بحق الإمارات في أعقاب الهزيمة التي مُني بها "حزب الله" في مجلس الأمن، والخيبة التي مُنيت بها الجهات الرسمية والقوى السياسية اللبنانية التي تواطأت مع الحزب المذكور ضد لبنان أولاً، والشرعية الدولية ثانياً. فقد كانت المواجهة حول تعزيز استقلالية عمل "اليونيفيل" من خلال منحها حق الوصول الى "جميع المواقع ذات الاهتمام على نحو سريع وكامل، بما يشمل ميادين الرماية غير المصرّح بها. وضمان قيام القوات الدولية بدوريات معلنة وغير معلنة دون عوائق. والأهم تحميل السلطات اللبنانية مسؤولية تيسير وصول "اليونيفيل" الى المواقع (المشبوهة) التي تطلبها، انتصاراً لسيادة لبنان ضد من ينتهكون سيادة الدولة، وضد تخاذل الطاقم الحاكم الرسمي الذي أثبت مرة جديدة أنه واجهة باهتة لحكم "حزب الله" للبلاد والدولة بجميع مؤسساتها.

حسناً فعلت الإمارات بالمشاركة في مواجهة هذا التخاذل الرسمي الذي سهّل عليه التراخي الفرنسي مهمته في التفريط بسيادة الدولة على كامل أراضيها. من هنا نقول إن تثبيت شرعية حرية حركة القوات الدولية واستقلاليتها رغم التهويل بسلاح ما سُمّي "غضب الأهالي" أتى لمصلحة لبنان ومعه الغالبية التي ترفض الأمر الواقع المفروض بالقوة والترهيب والتواطؤ المخجل على مستوى الطاقم الحاكم نفسه.

في مكان آخر سجال بين وزير الخارجية عبد الله بو حبيب ومندوبة لبنان السابقة لدى الأمم المتحدة العزيزة آمال مدللي، بسبب اتهامه لها بأنها في العام الماضي خالفت تعليمات الحكومة مما أدى الى صدور القرار ٢٦٥٠ الذي منح قوات "اليونيفيل" حرية التحرك من دون التنسيق مع الجيش أو السلطات اللبنانية. وقد ردّت السفيرة مدللي نافية اتهامات الوزير بو حبيب بالأدلة والتفاصيل. أما نحن، بصرف النظر عن الاتهام والرد فنقول للسفيرة مدللي، إنها حتى لو كانت اتهامات وزير الخارجية صحيحة لاعتبرناها بطلة تدافع عن لبنان بوجه الحالة الشاذة التي نكتشف كل يوم حجم التواطؤ معها في كل مكان. في مطلق الأحوال، وكما سبق أن كتبنا هنا في المرة السابقة، فإن ما يهمنا أن نخوض عاماً بعد عام معركة سيادة مشروع الدولة، مهما كانت الظروف صعبة ومعاكسة. فالأهم أن نحقق تقدماً ولو طفيفاً في التفاصيل المبدئية التي قد لا تنفذ على الأرض فوراً، لكنها ستتراكم مرة بعد مرة لتشكل قاعدة قانونية دولية أصلب لمصلحة الدولة على الميليشيا والمتواطئين الذين رأينا كيف سارع بعضهم الى الاحتفاء بالقرار ٢٦٩٥ والتهليل له، بينما خافوا في عز المواجهة أن يقولوا كلمة الحق.

إن القرار ٢٦٩٥ كان أفضل الممكن في ظل خطر "الفيتو" الروسي أو الصيني. لكن صياغته، قوته القانونية ووضوحه شكلت عناصر قوة لموقف الشرعية الدولية. إنها خطوة صغيرة في مسيرة طويلة. ويقيننا أنه سيأتي يوم ويزول هذ الكابوس الجاثم على صدور اللبنانيين. فتحيّة الى المجتمع الدولي والى الإمارات.