عندما نحتفل اليوم بعيدنا الوطني، فإننا نحتفل أولاً وقبل كل شيء بوحدتنا التي وفرت لنا كل المقدمات لكي نحقق هذه الإنجازات التي نشهدها، وهي إنجازات كبيرة وكثيرة وعلى مختلف الأصعدة، فعلى الجانب الاقتصادي وهو أهم جانب، لأنه يعتبر المغذي والداعم لبقية الجوانب التي نحتفل بها، فإن احتفالنا اليوم، يأتي وقد حققنا الكثير من التقدم. ففي العام الماضي نمى الناتج المحلي الإجمالي لبلدنا بنسبة وصلت الى ٪8.7، أي الأرفع بين كافة الدول المشاركة معنا في مجموعة العشرين، والتي تضم أكبر اقتصادات العالم وعلى رأسهم الولايات المتحدة والصين واليابان والهند.

وهذا التقدم الاقتصادي الذي حققناه، انعكس بالإيجاب على أهم جانب، وهو دخل الأسرة السعودية، فخلال السنوات الخمس الماضية ارتفعت مداخيل السعوديين العاملين في القطاع الخاص، والذين يحصلون على أجور من 6.6 آلاف ريال إلى 9.6 آلاف ريال، بنسبة 45٪. كذلك ارتفع عدد الذين يحصلون على أجور أكثر من 20 ألف ريال بنسبة 139٪. والحاصلون على أكثر من 40 ألف ريال بنسبة 172٪. مما يعني إن الإصلاحات المترتبة على رؤية المملكة 2030، قد ساهمت في مساندة الأسرة السعودية ودعم الطبقة الوسطى- وهذا أمر مهم، بعد تأكل هذه الطبقة الجزئي، عقب انهيار سوق الأسهم عام 2006.

ونجاحات المملكة، ونحن نحتفل بعيدنا الوطني، لم تقتصر على الداخل وانما تعدت ذلك إلى المجال الإقليمي بل والعالمي، الذي سوف تكون له عوائد كبيرة على اقتصادنا فيما بعد. فالانجازات التي حققناها إقليمياً، وعلى رأسها التوصل مع إيران إلى تفاهمات بتطبيع العلاقات، سوف يؤدي إلى حل جملة من المشاكل الإقليمية المكلفة، ابتداء من لبنان وانتهاء باليمن، وهذا سوف يرتد علينا بالإيجاب في المستقبل. فتصفية القضايا الإقليمية سوف يفسح المجال أكثر وأكثر لتركيز الانتباه على إعادة هيكلة الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط، وهذا أهم من أي شيء عندنا.

ولذلك تكتسب النجاحات التي حققناها ضمن إطار أوبك+، أهمية بالغة. فارتفاع أسعار النفط سوف يمكننا من تمويل المشاريع التي خططنا لها، دونما ضغوطات اقتصادية- اجتماعية تذكر، حيث من المتوقع إن تكون السياسة المالية توسعية في المستقبل، إن هذه النجاحات الكبيرة، أدت إلى زيادة تأثيرنا العالمي. ولذلك، فليس مستغرباً أن تسعى التجمعات المهمة في العالم، مثل منظمة شنغهاي للتعاون، وتجمع بريكس، إلى ضم المملكة ودخولها هذه النوادي المهمة.

بالفعل، فنحن حين نحتفل اليوم بهذا اليوم الغالي علينا، نري كيف أدت النجاحات التي حققها بلدنا، بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي العهد، إلى تحوله إلى واحد من المراكز العالمية المهمة، لحل المشكلات التي يهدد استمرارها السلم والاستقرار العالمي. وضمن هذا الموقع الجديد احتضنت جدة الاجتماع الذي كرس للبحث عن حل للأزمة الأوكرانية وتداعياتها الخطيرة. فهذا مؤشر كبير على الدور العالمي الكبير للمملكة، والذي يتوقع له أن يزداد في المستقبل.