لماذا نعيش اليوم عصر التفاهة، أو لنقل «المعلومة دون المستوى»، في حياتنا، في كل شيء، وفي كل مجال؟

لماذا أقصينا الحكمة والثقافة والعلم والتجارب عن المشهد العام في حياتنا اليومية في عالم وسائل التواصل وثورتها؟

لماذا تقودنا اليوم، وخصوصاً لمن هم في المرحلة العمرية ما قبل العشرين إلى ما قبل الثلاثين، شخصيات لا تغني ولا تشبع من جوع؟

لماذا تعيش هذه الشريحة من الناس وهذه الفئة وهْمَ أن من يقودهم في حياتهم هم القدوة؟

لماذا ساعدت التفاهات في السطو على واجهات حياتنا في مجالات متعددة؟

‏هل وصلنا لهذه النتيجة لأن من يقود المشهد اليوم هم من فئة بسيطة في تفكيرها ومنتجها، معترفين بأنها أقل في مستواها الذي يسمح به المجتمع، ولكنها فاعلة ونشطة؟

هل لأنها هي التي فرضت نفسها على الساحة، أم أن النخبة الحكيمة المثقفة الواعية بأمور أكثر أهمية وتجارب أكثر غنى هي التي انعزلت عن المشهد؟

‏لماذا تناست أو استسهلت الأجيال الجديدة قيمنا وثقافة مجتمعنا ووطننا (بشكل عام)؟

لماذا أصبحت الأسرة تعاني في إقناع أبنائها أن ما هو صحيح بنظرهم ليس هو الصحيح المُطلق؟

‏ما أتحدث عنه هنا هو المبادئ التي يسري مفعولها على الماضي والحاضر والمستقبل، العادات الجميلة التي تضيف للإنسان والمجتمع في الأمس واليوم وفي الغد.

ما أعنيه في مقالي هذا هو أخلاقيات التعامل والتحاور والتعاون مع كل محيط يعيشه الأبناء، وما خلاصة التجارب التي يستقي منها أبناؤنا وأحفادنا معلوماتهم من خلال شاشات هواتفهم النقالة بكل أحجامها وأشكالها، في مسرح وسائل التواصل الاجتماعي؟

نعم هناك أمور إيجابية متنوعة ننشرها يومياً من خلال هذه الوسائل، إلا أن نسبتها مقارنة بالعاطلة والتافهة منها ما زالت دون المستوى المطلوب.

هذا كله يجعل مسؤولية من يُربّي ويتابع جسيمةً، وسط زحمة الحياة ومشاغلها.

فعلاً، أيهما السبب، البيضة أم الدجاجة؟

هل انعزال القدوات وأصحاب الخبرات الحياتية الإيجابية المبنية على التجارب والثقافة والعلم، وابتعادها عن المشهد العام هو السبب؟ أم أن أسلوب عرض المعلومة مهما كانت سخافتها، هي السنارة التي تصطاد الجمهور؟

علامات سؤال كثيرة تحتاج منا التوقف والموضوعية في التقييم خلال تشريحنا لهذه الظاهرة بكل دقة، لأن المستهلك والجمهور في حالتنا تلك هم الجيل الذي ستقوم على كتفه الأوطان.