تسارع انتشار فن الكوميديا الارتجالية أو ما يعرف بكوميديا الستاند أب، التي يؤديها الفنان الكوميدي مباشرة أمام جمهور حي يتفاعل معه مباشرة وهو يلقي النكات أو يتحدث عن مواضيع مختلفة بصورة ساخرة أو مضحكة، عبر عروض يقدمها هؤلاء في النوادي الكوميدية، أو النوادي الليلية، أو المسارح الخاصة.

تابعت عدداً منهم عبر اليوتيوب، ووجدت فيهم مواهب رائعة، بينما يفتقد كثيرون منهم الروح الكوميدية الحقيقية القائمة على سرعة البديهة وخفة الروح، هذه الروح المفتقدة تمنع معظم هؤلاء من الوصول إلى قلوب الناس، عبر التفاعل المتصاعد والمستمر خلال العرض دون أي شعور بالملل.

ذكرني هؤلاء بفيلم أمريكي كان البطل فيه شاباً يعمل في نادٍ ليلي ككوميديان يقدم عرضاً مسائياً أمام رواد النادي، لكنه في كل مرة يفشل في انتزاع ضحكاتهم ينسحب يائساً دون أن يكمل العرض. إذاً المهم في الكوميديا ليس أن تمتلك مكاناً وجمهوراً، وتعرف كيف تتحرك أمامهم بخفة بهلوان أو مهرج وتصنع نكاتاً فارغة، المهم أن يكون لديك ما تقوله، وأن تقوله بخفة ساخرة، مستدرجاً ضحكات جمهورك وتفاعلهم المباشر دون بذل الكثير من الجهد والمبالغات السخيفة!

أحد هؤلاء الكوميديانات ويدعى (طه دسوقي) قدم عرضاً من هذا النوع يتحدث فيه عن فكرة أن الإماراتيين ليسوا - كما هو مشاع عنهم - شعباً مرفهاً وشديد الثراء، بل إن بعضهم يعانون من الحرمان، ويكدحون لتوفير مستلزمات حياتهم، وإمعاناً في ابتزاز ضحكات الجمهور المتخيل، يتحدث عن الشقاء والمعاناة التي لمسها بنفسه عبر متابعته لبرنامج (دبي بلينج)، الذي اكتشف من خلاله كما يقول وبسخرية، مقدار (الشقاء) الذي يعانيه الإماراتي، الذي لا يجد غرفة يصف فيها أحذيته على سبيل المثال!

هذا الممثل الذي لم يكلف نفسه عناء أن يعرف كيف يرتجل كوميديا حقيقية ويختار موضوعاً لعرضه، أو يفهم معنى كلمة إماراتي وعلى من تطلق، وأن يتمعن جيداً في هذا البرنامج الفاشل ليعرف من يمثل؟! وجد في هذا البرنامج فرصة لاستدراج سخرية جمهوره رغبة في تحقيق حفلة ضحك مجانية للتنمر على شعب غير مسموح له تحت أي مبرر أن يتخذه هدفاً لسخريته وعروضه السخيفة!