لم تشفع صور الإبادة الجماعية الواردة من قطاع غزة، والمقاطع اليومية المنتشرة لأشلاء أطفال أو محروقين حتى التفحّم، أو أوصال الرجال والنساء المقطّعة، والبيوت المدمرة، والبنى التحتية التي أصبحت أثراً بعد عين، لم يشفع كل ذلك لدى بعض الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة كي تتوقف عن مد إسرائيل بأعتى أنواع السلاح من قنابل وطائرات ودعم استخباراتي ولوجستي، وسط تقارير تشير إلى مشاركة تلك الدول في القتال بشكل مباشر سواء بالرصد عبر الطائرات المسيّرة أو العمليات الأرضية.

هذه الدول ضاعفت الشحن العسكري عبر إرسال أقوى القنابل إلى إسرائيل؛ حيث إن بعضها يزن قرابة الطن من المواد المتفجرة، تلقى على رؤوس الآمنين في القطاع المدمر، فضلاً عن مئات ألوف القذائف وغيرها من الوسائل العسكرية، في تماهٍ صريح وواضح مع الآلة العسكرية الإسرائيلية، ودعم لا محدود لحمام الدم والمذابح التي تقوم بها الحكومة الإسرائيلية بلا هوادة أو تمييز.

الولايات المتحدة تُعدُّ أكبر مورّد أسلحة إلى إسرائيل؛ إذ أرسلت ما يساوي 158 مليار دولار على شكل مساعدات ثنائية أو عبر تمويل الدفاع الصاروخي منذ عام 1948، حتى الآن، كما سرّعت عمليات تسليم الأسلحة في الحرب الدائرة حالياً على غزة، وأكدت أكثر من مرة أنها ملزمة بتفوق إسرائيل؛ إذ منحتها كل التكنولوجيا العسكرية المتاحة، ولم تتوقف الجسور الجوية التي تنقل السلاح، حتى في ظل أنباء أشارت إلى تعليق منح إسرائيل بعض القنابل بعد إقدامها على عملية رفح.

بريطانيا وألمانيا تسيران على النهج ذاته، في مد إسرائيل بالسلاح؛ إذ رفضت محكمة في برلين، أخيراً، طلباً مستعجلاً لمنع الحكومة الألمانية من الموافقة على تصاريح تصدير أسلحة إلى إسرائيل على أساس أنها قد تستخدم في انتهاك القانون الإنساني، بينما زادت برلين موافقات الصادرات الدفاعية إلى إسرائيل نحو عشرة أضعاف؛ حيث بلغت في عام 2023 ما يصل إلى 326.5 مليون يورو مقارنة بالعام السابق، في حين تسهّل بريطانيا للشركات بيع تل أبيب معدات عسكرية مختلفة.

مع الإصرار في دعم إسرائيل، فإن هذه الدول تُعدُّ شريكة في الأعمال الوحشية، ولن يغسل يديها من الدم، بعض التصريحات النادرة، التي تتباكى على أطفال غزة، أو نسائهم.

لا بد من السعي إلى مقاضاة قادة إسرائيل أمام المحاكم الدولية، وإلا فإن العدالة، ستكون عرجاء، ولا وزن لها في مقاييس العالم اليوم.