يعتقد الكثيرون خارج المملكة أن موسم الحج ينتهي بمجرد انتهاء طواف الإفاضة؛ بينما الحقيقة أن التحضيرات للموسم القادم تبدأ مباشرة قبيل انتهاء الحج الحالي!
هذه النجاحات المتتالية في تطوير منشآت المشاعر المقدسة، وتفويج الملايين، لم تتأتِ هكذا دون تحضير وترتيب مسبق، فها هي جميع الجهات الحكومية تبدأ مباشرة بعد انتهاء موسم الحج، بدراسة ما قدمت، وتسجيل الملاحظات والاقتراحات، والدروس المستفادة والعمل على تلافي الفجوات وتجاوز التحديات.
تُنسق الجهات الحكومية وشبة الحكومية أعمالها في الحج عبر لجنتين رئيستين، الأولى لجنة الحج المركزية، التي يرأسها سمو أمير منطقة مكة المكرمة، وتضم في عضويتها ممثلين عن الجهات الحكومية، وتعمل على توحيد الجهود وتضافرها ورفع مستوى التنسيق بين الجهات، وصولاً لخدمة ضيوف الرحمن على الوجه الأكمل إنفاذاً لتوجيهات القيادة. عبر التخطيط والتنفيذ للموسم القادم، على مدى عام من ورش العمل والاجتماعات.
اللجنة الثانية هي لجنة الحج العليا، التي يرأسها سمو وزير الداخلية، وتعمل على التنسيق الاستراتيجي، بين الوزارات والجهات الحكومية، وترفع تقاريرها لمجلس الوزراء.
أيضاً هناك ندوة الحج الكبرى، التي تنظمها سنوياً وزارة الحج والعمرة بمدينة مكة المكرمة، وذلك بالتزامن مع موسم الحج، ويشارك فيها نخبة من علماء ومفكري العالم الإسلامي، منذ نحو خمسين عاماً، إذ انطلقت أول ندوة في العام 1397هـ، وتهدف إلى إبراز الدور الثقافي والحضاري للمملكة في خدمة الحج والحجيج، وتسليط الضوء على أهم الإنجازات والمشروعات والتطورات المتلاحقة في الحرمين الشريفين، وترسيخ مبدأ الحوار الفكري الهادئ لقضايا الأمة الإسلامية من خلال موسم الحج، التواصل العلمي مع المؤسسات والمحافل العلمية والباحثين، وتحقيق التكامل والتآخي والتعارف بين أبناء الأمة الإسلامية.
إحدى أهم المبادرات التي تتم قبل موسم الحج بفترة، هي إقامة مسابقات الهاكثون، وهي أحداث تجمع فيها مبرمجو الحاسب الآلي وغيرهم من مطور البرمجيات، ليتشاركوا بشكل مكثف تطوير مشاريع برمجية، تستهدف تقدم حلول تقنية ومبتكرة للتحديات، وهو ما قاد إلى إطلاق هاكثون الحج قبل سنوات بتنظيم من الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز، وقد سجل في دورته الأول ما يقارب ثلاثة آلاف مشارك من خمسين دولة، وخرج بالعديد من الأفكار والبرامج، التي أَضحت واقعاً حقيقياً استفاد منه ضيوف الرحمن خلال السنوات اللاحقة والله الحمد، وأيضاً هاكثون المواقع التاريخية والأثرية في جامعة أم القرى، وهاكثون منتدى الصحة والأمن في الحج.
لا يمكن الإحاطة بكافة الجهود التي تقدمها الجهات الحكومية في المملكة، إذ أنها منهج دولة راسخة وتوجيه قيادة رشيدة، بتوفير كافة السبل لضيوف الرحمن، أن يستكملوا نسكهم بكل يسر وسهولة، وفي أمن وأمان.
والحمد الله الذي أكرمنا نحن السعوديين بشرف خدمة الحجيج، ونحن بعون قادرون ومستمرون كل موسم على تطوير الخدمات لهذه الشعيرة، خدمة للإسلام والمسلمين.
التعليقات